هل (الفراعين) ساروا على نهج (خوفو)؟!

TT

قبل الميلاد بأربعة آلاف سنة، قال الوزير الفرعوني (تاهوتب) هذه الحكم أو النصائح التي وجدت مكتوبة (بالهيروغليفية) على إحدى البرديات، وهذه ترجمتها:

«إذا أردت أن تكون سعيدا فأمّن بيتك وأحبب امرأتك. املأ معدتها. واكسُ جسدها. وأبهج قلبها ما دمت حيا. لاطفها ولا تكن في معاشرتك لها جلفا جافيا، لأنها تنقاد بالرقة واللطف لا بالغلظة والعنف. هب لها ما تتمناه نفسها وترنو إليه عيناها، فيظل منزلك عامرا.

إذا شئت أن تُعدّ حكيما فوجّه قلبك نحو الكمال. ولا تكن ثرثارا تتكلم في أي موضوع وأي مقام كان. فقد يكون السكوت أحيانا كثيرة أنجح من الكلام.

إذا كنت ذا سلطان، فاجعل اعتبار الناس لك يأتي عما أنت عليه من العلم والحكمة والدّعة، ومتى تكلمت فليكن كلامك بسلطان، خاليا من النزق والطيش. باعد عنك الحدة والغضب، لأن الغضب تبدو منه بوادر لا تُحمَد مغبتها. كن مالكا زمام طبعك، ولا يستغل قلبك إلى درجة لا يعود بعدها إلى حال التواضع الممدوح.

إذا عظمت بعد أن كنت حقيرا، وغنيت بعد أن كنت فقيرا، وأحرزت بين أترابك وقومك مقاما خطيرا، فلا يلدغنك أفعوان الغطرسة والكبرياء. بل احسب نفسك أمينا على ما وهب لك الإله من نعمه وهباته، واتضع أمامه لأنه لا يحب المتكبرين» - انتهى كلام (تاهوتب).

وإذا تأملنا هذا جيدا فسنعرف أن الحضارة الفرعونية ليست مقتصرة على البناء والتشييد والتماثيل فقط، وإنما هناك جوانب إنسانية مذهلة، وإليكم ما كتبه المؤرخ اليوناني (هيرودت) في القرن الخامس قبل الميلاد، يقول: «إن الفرعون (ميسيرينيوس) ابن الفرعون خوفو باني هرم الجيزة الأكبر، كان من أشد ملوك مصر شفقة على الرعية وأنه كان يأمر رئيس الخزانة الملكية من وقت إلى آخر بإخراج الأموال من الخزانة وتوزيعها على الفقراء والعمال العاطلين».

وعليه، يصح لنا أن نقول بأنه أول من أنشأ عادة إعانة العاطلين، التي جرت عليها بعض الحكومات المعاصرة.

وهذا يجبرنا على أن نطرح السؤال التالي: هل (الفراعين) الذين حكموا مصر في العصر الحديث - أي طوال القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين - قد ساروا على خطى ونهج ابن الفرعون (خوفو)؟! إنني لا أشك ولكنني أتساءل.

* * *

ثقوا تماما لو أنه لم يبق في هذا العالم سوى ثلاثة رجال فسوف يتملق أحدهم أحد الرجلين الآخرين، ويناديه بيا (سيدي)، وسوف يتحد الاثنان ويجبران الثالث على خدمتهما.

المشكلة هي: لو أن هؤلاء الثلاثة كانت معهم مصيبة – آسف، أقصد كانت معهم امرأة واحدة - فكيف كانوا سيتصرفون؟! كيف يتفاهمون؟! كيف يقتسمون؟! كيف يتقاتلون؟!

أمنيتي الوحيدة في هذه الدنيا الفانية، أن أكون أنا الرجل الوحيد في هذا العالم، والبقية الباقية من المخاليق هن من النساء فقط - على شرط - أن يكون بيني وبينهن سور شائك ومكهرب، هو أعلى وأطول من سور الصين العظيم، وأن أنظر لهن من بعيد لبعيد، واضعا يدي على خدّي بشبق.

[email protected]