أنان محبط.. هذه كارثة!

TT

تحدث الموفد الأممي السيد كوفي أنان عن الأوضاع في سوريا بإحباط، حيث يقول: «نفد صبرنا ولسنا ممتنين من عمليات القتل، وأنا أول من يدين هذه العمليات، وأريد تسريع الخطة»! كما أقر أنان بأن سوريا تنزلق إلى حرب شاملة، مما يعني أن مبادرته قد فشلت في وقف إطلاق النار. وهنا يكون السؤال: إذا كان أنان محبطا فماذا يقول السوريون، أو كل من يتعاطف معهم، أمام الجرائم الأسدية؟

فمنذ الإعلان عن خطة أنان، وإلى الآن، وقع عدد لا يستهان به من القتلى في سوريا، أطفال ورجال ونساء، هذا عدا عن المجازر الأسدية المتصاعدة، وآخرها دهس مجروح سوري بالدبابة، وبعد كل ذلك يتحدث أنان بإحباط وحسب؟ أمر محبط حقا، بل ومثير للغضب، خصوصا أن أنان يقول إنه إن لم تكن خطته هي الحل المناسب فيجب أن «يكون هناك حل آخر، وهذا عمل مجلس الأمن»! أي أن السيد أنان لا ينوي الإعلان بنفسه عن فشل خطته، وإنما يريد من مجلس الأمن فعل ذلك، رغم أنه، أي أنان، يعي أن مجلس الأمن مشلول تماما تجاه سوريا بسبب موقفي كل من روسيا والصين، والواضح أن أنان لا يشعر بالامتعاض من موقفي موسكو وبكين المشجعين لجرائم الأسد، بل يحاول استغلالهما لتجنب إعلان فشل خطته، وهذه كارثة!

وهذا يعني أنه ليس على المجتمع الدولي فقط إقناع الصين وروسيا بأن الأسد قاتل لا يجدي الدفاع عنه، وأن الاصطفاف خلفه يكلف موسكو وبكين الكثير، بل إن على المجتمع الدولي أيضا - وللأسف - إقناع السيد أنان بضرورة الإعلان عن فشل مهمته، الفاشلة أصلا في سوريا، وذلك بالطبع لا يعني إعلان فشل أنان الشخصي بقدر ما أنه يعد إعلانا عن فشل الأسد نفسه عن الوفاء بوعوده. وكما هو أمر محبط إذا كان السيد أنان نفسه يتحدث بإحباط عن خطته ولا يريد الإعلان عن فشلها، بل بدلا عن ذلك يرمي الكرة في ملعب مجلس الأمن المكبل بالفيتو الروسي والصيني، علما أن أنان نفسه يعي أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف قط، وأن مستقبل سوريا اليوم في خطر، والأمر نفسه ينطبق على أمن المنطقة ككل، فماذا ينتظر أنان بعد كل ذلك لإعلان فشل خطته؟ ولماذا لا يضع سقفا زمنيا لخطته على الأقل كما طالبته قطر؟ فالقضية ليست قضية شخصية، بالنسبة لأنان. فهناك أرواح تزهق يوميا، وبلد سلمه الاجتماعي مهدد، كما أن هناك تهديدا حقيقيا لأمن المنطقة ككل، فهل يريد أنان أن تنتهي سوريا كرواندا والبوسنة التي فشل في معالجة قضاياها يوم كان أمينا عاما للأمم المتحدة؟

فإذا كان هناك من إحباط فهو أن كثيرين لا يريدون مواجهة الحقيقة، ومنهم السيد أنان، فما كنا نقوله قبل أشهر بات يردده البعض اليوم، وكأنه أمر جديد، فقلة أولئك الذين يقرون بأن ما يحدث في سوريا هو الثورة الحقيقية بالمنطقة. وعليه، فإذا كان أنان وغيره لا يريدان الإقرار بذلك، فأقل ما هو مطلوب، ومن أنان تحديدا، أن لا يمنحوا الأسد الفرصة تلو الأخرى لأن هناك أرواحا تزهق يوميا في سوريا!

[email protected]