ملكة ومدعيتان

TT

ستون عاما من تاج إليزابيث الثانية. وثمة احتمال أن تتجاوز الرقم الذي سجلته فيكتوريا، أيضا ستون عاما، التي ملكت وحكمت وحمل عصر نهضوي اسمها. أما إليزابيث الثانية فهي تملك ولا تحكم. سيدة جليلة تضيف على بريطانيا العراقة والوقار، وتحرس تقاليد مئات الأعوام من الزمن الإمبراطوري، بأمجاده وفظاعاته.

يلفت نظري في سيرة صاحبة الجلالة أنها لم تغفر لامرأتين: المطلقة الأميركية التي أصبحت دوقة وندسور بعدما تخلى إدوارد بسببها عن العرش، وديانا سبنسر، العاشقة العاصفة الأخرى، التي عمت صورها العالم، قبل أن تقتل في حادث سير.

توفيت دوقة وندسور عن تسعين عاما، مريضة معزولة عن العالم، وتقوم محاميتها الفرنسية ببيع جواهرها لكي تؤمن مصاريفها. وفي نهاية الأمر بيع كل ما بقي من مجوهرات بخمسين مليون دولار تبرعت بها الدوقة لمؤسسة «باستور» الطبية. لم ترسل إليها الملكة باقة أو كلمة، فقط الملكة الأم بعثت تمنياتها مع باقة ورد وتوقيع بسيط: إليزابيث. أما ديانا فغابت في عز الصبا، من دون أن تصالحها الملكة. لقد اعتبرت أنها هشمت التاج وأساءت إلى حفيديها وتمادت في إنزال القصر إلى صغائر صحف الفضيحة، التي يزدهر منها روبرت مردوخ وصحافيو السقط.

ثمة أمر عجيب عندما تقرأ الكتب الصادرة عن الملكة ودوقة وندسور وديانا سبنسر: يبرز في الصفحات اسم المصري محمد الفايد، غاضبا ومغضوبا عليه، حزينا وقانطا. عندما اشترى الفايد محلات «هارودز»، درة لندن التجارية، واجهته الطبقة الأرستقراطية بالابتعاد. قرر يومها أن يشتري الأرستقراطية أيضا. وضعت خطوبة ديانا من عماد الفايد أسرة الأب على أبواب باكنغهام. الرجل الذي ترفض الدولة منحه الجنسية البريطانية سوف يصبح عم ورثاء العرش. وكان قد اشترى أيضا مجلة، وهي مجلة كاريكاتيرية ساخرة عمرها عشرات السنين، لكي يهزأ رساموها من الهازئين به.

لكن صائد الفرص حصل على الطريدة الفريدة عندما اشترى فيللا دوقة ودوق وندسور بسعر غير متوقع أبدا. فقد وافق جاك شيراك على البيع، شرط أن يصرف الفايد كل ما هو ضروري لإعادة الفيللا إلى ما كانت عليه أيام المجد الغابر. لقد كانت مسكنا لأشهر عاشقين في القرن العشرين. الملك الذي تخلى عن العرش من أجل امرأة ظلت تلقب في باكنغهام بـ«الساقطة الأميركية». والترجمة هنا ليست حرفية. كل ما عدا ذلك دقيق: امرأتان لم تصلا إلى العرش وامرأة تربعت عليه 60 عاما.