من يرأس برلمان إيران؟

TT

بدأت حملته ليصبح الرئيس القادم لمجلس الشورى الإسلامي في إيران يوم 28 مايو (أيار). أطلق غلام علي حداد عادل، المستشار رفيع المستوى العضو بالدائرة المقربة من المرشد الأعلى، وصهر مجتبى خامنئي، حملته ضد رئيس البرلمان الحالي، علي لاريجاني. وأعلن حداد عادل، الذي حصد أكبر عدد من الأصوات في انتخابات مجلس الشورى التي أجريت في 2 مارس (آذار) في طهران، عشية 12 مايو أنه مرشح ليكون رئيس مجلس الشورى التالي.

يذكر أنه تولى منصب رئيس مجلس الشورى في دورته السابعة (2004 – 2008)، كما خاض سباق الترشح لمنصب رئيس المجلس في البرلمان المنتهية مدته، غير أن الفوز كان حليف علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي في دورته الثامنة، ولاريجاني هو زوج ابنة آية الله مطهري.

كان مطهري هو المؤيد لفكرة الجمهورية الإسلامية، ولاريجاني هو ابن آية الله آملي، وتم انتخاب حداد عادل عضوا في البرلمان عن طهران ولاريجاني عضوا في البرلمان عن قم، وقد قيل إن التناقض بين حداد ولاريجاني هو اشتعال الخلافات بين طهران وقم. يبدو أن خسارة حداد الأخيرة تمثل نهاية حياته السياسية كشخصية بارزة، ففي الأسبوع الماضي، حينما كان يمارس رياضة كرة القدم، كسرت ساقه، ونقل للمستشفى ليخضع لجراحة.

من الواضح أن رئيس مجلس الشورى الإسلامي يتمتع بفرصة لعب دور مهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2013، ورغم ذلك، فإن الانتخابات الرئاسية ودور الرئيس يواجهان بعض الصعوبات، ففي أكتوبر (تشرين الأول)، تحدث القائد آية الله خامنئي عن إدخال بعض التغييرات البارزة على الانتخابات الرئاسية، وفيما تم انتخاب الرئيس في الوقت الحالي بشكل مباشر من خلال أصوات الشعب، اقترح خامنئي ضرورة انتخاب الرئيس من قبل البرلمان.

ثمة بعض أوجه التشابه والاختلاف بين غلام علي حداد (الذي ولد في عام 1945) وعلي لاريجاني (الذي ولد في عام 1958). أولا: كلاهما درس الرياضيات والفيزياء، بعدها، غيرا مجال تخصصهما وانتقلا من الفيزياء إلى الفلسفة الغربية، التي حصلا فيها على درجتي الماجستير والدكتوراه.

ثانيا: يعتبر عضوا البرلمان مقربين من قائد إيران، آية الله علي خامنئي. روى أحد أصدقاء حداد عادل المقربين قصة غريبة جدا، قال: إنه سأل حداد: «ما هي علاقتك بالقائد، آية الله خامنئي؟» فأجاب حداد قائلا: «إذا كنت تفكر في اسمي وتضع في اعتبارك معناه، فسوف تجد الإجابة، اسمي غلام علي! أنا غلام (عبد) للقائد». مثلما نعلم، فإن الاسم الأول للقائد هو علي. يمكنني القول إنه فيما يعتبر لاريجاني وخامنئي مقربين، يبدو أن حداد تربطه صلات أوثق بخامنئي.

ثالثا: لدى حداد أسلوب أكثر لينا في انتقاد إدارة أحمدي نجاد، وتنطوي أقواله على حس دعابة قوي، على سبيل المثال، حينما كان رئيسا للبرلمان، قال: إن البرلمان ليس في قبضة أحمدي نجاد، لكنه يدعمه، غير أنه بناء على الحقائق والتجربة، يمكننا القول إن أحمدي نجاد لا يؤمن بالقانون والمشرعين، أو لا يولي لهما أي اهتمام.

انقلب المحافظون الذين دعموا الرئيس من قبل ضده بعد أن ثبت أنه يتحدى سلطة خامنئي العام الماضي. يعتبر لاريجاني أبرز شخصية معارضة لأحمدي نجاد.

على نحو تقليدي، أصبح الرئيس المؤقت للمجلس رئيسا دائما، ليس ثمة أدنى شك في أنه في الجلسة القادمة لمجلس الشورى، يوم غد الثلاثاء، سيتم انتخاب علي لاريجاني رئيسا دائما للمجلس، وقد أعلن حداد عادل أنه لن يكون المعارض للاريجاني. ربما يكون من الصعب بالنسبة له حضور الجلسة بساقه المكسورة.

فاز المعارضون المحافظون لأحمدي نجاد بأغلبية المقاعد في البرلمان في الانتخابات التي انتهت في وقت سابق من هذا الشهر.

وفي ظل قيادة لاريجاني، دخل البرلمان في نزاعات متكررة مع الإدارة التنفيذية لمحمود أحمدي نجاد. افتتحت جلسات البرلمان الجديد. حث آية الله خامنئي الهيئة التشريعية على تجنب النزاعات مع الدوائر الحكومية الأخرى.

وتقبل لاريجاني تفويضه الجديد، مشيرا إلى أن البرلمان لا يسعى لمواجهة مع الدوائر الحكومية الأخرى، قائلا: «يعتبر البرلمان نفسه مؤسسة مستقلة وشقيقة لمؤسسات أخرى؛ ولكنها شقيقة صاحبة سلطة، لا شقيقة خانعة».

وأضاف أنه يتعين على البرلمان الجديد تجنب التحول إلى قضايا ثانوية، وضرورة «التدقيق بعناية في اختيار أولوياته» من بين قضايا جوهرية مثل الضغط الاقتصادي والعقوبات المفروضة من قبل «الأعداء» والمفاوضات بشأن البرنامج النووي، إضافة إلى التطورات في الدول العربية.

افتتحت الدورة التاسعة من البرلمان يوم 28 مايو باستحواذ المحافظين على معظم المقاعد، وسيتم التصويت على منصب الرئيس الدائم للبرلمان والمجلس الرئاسي غدا.

شغل لاريجاني عددا من المناصب الهامة في الماضي، من بينها مدير التلفزيون الرسمي ووزير الشؤون الثقافية ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي وكبير المفاوضين إبان المفاوضات بشأن البرنامج النووي، ويشغل الآن منصب رئيس البرلمان.

ويمارس لاريجاني الآن ضغطا من أجل إلغاء النظام الرئاسي، مؤيدا إنشاء نظام برلماني، وعندما أيد آية الله تشكيل نظام برلماني في خطاب ألقاه في أكتوبر 2011، تلقى دعما قويا من جانب لاريجاني.

بشكل عام، يعتبر هيكل الحكم الثيوقراطي الديني معقدا، ويضم مزيجا من المسؤولين المنتخبين وغير المنتخبين، وفي قلب النظام الإيراني، يوجد المرشد الأعلى، وبوصفه رئيسا للدولة، يتمتع بسلطات واسعة تتنوع ما بين قيادة القوات المسلحة، وتعيين رئيس السلطة القضائية، وتعيين نصف أعضاء مجلس الأوصياء، والتأكيد على نتائج الانتخابات الرئاسية، يبدو أن القائد يرغب في إدارة مجلس الشورى، ولكن بشكل غير مباشر، إنه يرغب في القيام بذلك بشكل لين.

رد علي مطهري، عضو مجلس الشورى وأحد أشد منتقدي الرئيس، على المرشح لرئاسة البرلمان، حداد عادل، الذي أشار إلى أن إرسال استفسار للرئيس أضر بالمجلس وأسعد الخصم، قال مطهري: «هذا في حد ذاته يثبت أن حداد عادل ليس مناسبا لتولي منصب رئيس المجلس، فسوف يهبط بمكانة المجلس. أثبت إرسال تساؤل إلى الرئيس فعليا قوة موقف المجلس، سمع عامة الشعب ردود فعل الرئيس، وأصبحت الكثير من الأمور واضحة، نزل الرئيس من برجه العاجي».

الآن، أحمدي نجاد واقع تحت ضغط، فقد استدعاه شخصيات بارزة في حكومته للمثول أمام المحكمة، من بينهم نائبه الأول (محمد رضا رحيمي)، والتزم أستاذه – رحيم مشائي – الهدوء حتى الآن، وفي العام الأخير من فترة رئاسته، سوف يواجه الكثير من المشكلات. يبدو أنه لا توجد أي وسيلة يمكن أن يهرب من خلالها أحمدي نجاد من شبح خامنئي. سوف يفهم الجميع أنه في إيران، تتمثل السلطة الرئيسية في القائد، وأن جميع الشخصيات السياسية، بما فيها الرئيس ورئيس البرلمان، مجرد ظلين ضعيفين، مثلا يقول السبزواري:

أزمة الأمور طرا بيده

والكل مستمدة من مدده

بعبارة أخرى، لا يمكن أن يلعب رئيس مجلس الشورى، بل وحتى مجلس الشورى، دورا حيويا مستقلا.