سد الكفرة

TT

على بعد حوالي أربعين كيلومترا من القاهرة، وبالقرب من مدينة حلوان، يقع ما يعرف بوادي جراوي؛ وهو واد قديم عميق جفت مياهه منذ زمن قديم غير محدد تماما، وبات الوادي قفرا دون وجود أي مظهر من مظاهر الحياة سوى بقايا سد مائي عظيم عند مدخل الوادي وفي أضيق نقطة من الجزء الجنوبي الشرقي للوادي. وعلى الرغم من أن السد تم اكتشافه في أواخر القرن التاسع عشر فإن السد لم تتم دراسته إلى الآن دراسة علمية وافية، وكل ما نعرفه عن السد هو أنه تم بناؤه في 2650 قبل الميلاد لكي يحجز مياه الفيضان، وتم بناؤه من الحجر الجيري بطول 110 أمتار وارتفاع 14 مترا وعرض 32 مترا، وقد بقى منه جانباه على يمين ويسار الوادي وبحالة حفظ ممتازة، لدرجة أن الناس المحليين الذين يعيشون بالقرب من مكان السد لم يخطئوا أنه سد وأنه أقيم لحجز المياه، ولذا أطلقوا عليه اسم سد الكفرة؛ ظنا منهم أنه تم بناؤه في زمن الكفار قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وسلم).

المثير في موضوع هذا السد أنه أول سد مائي يتم إنشاؤه في العالم وبهذه القياسات الضخمة، التي لا تدع مجالا للشك في أن مهندسي السد لم يكونوا يقومون بعمل تجريبي، وإنما يقيمون سدا بناء على علم هندسي واضح وممنهج. ولذلك ليس هناك من شك في أن بناءه تم في عصر بناء الأهرامات، حيث كان ملوك مصر يشيدون أهراماتهم على الضفة الأخرى من نهر النيل. ومن خلال دراسة وضع أحجار السد وطريقة لحمها بعضها ببعض نجد تشابها واضحا بين أحجار أسوار الأهرامات وأحجار السد. ولا يزال هناك العديد من التساؤلات التي تدور حول سد وادي جراوي؛ أولها في عصر أي من الملوك تم إنشاء السد؟ ولماذا يتم إنشاء سد في هذا المكان بالذات؟ وهل قام المهندس بعمل تحويل لمجرى المياه أثناء عمليات الإنشاء وقبل اكتمال السد كما هو معروف في بناء السدود؟ وأيضا هل اكتمل بناء السد أم لا؟ وأخيرا هل تم تدمير السد عن طريق فيضان ضخم كما يقال؟ ومتى تم هذا؟ ولكي تتم الإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من قيام بعثة أثرية جيولوجية تضم الأثري والمهندس المعماري والجيولوجي.

من غير المقبول أن موقع سد الكفرة لا يعرفه أحد على الرغم من أهميته، بل تم تجاهله كأحد أهم المعالم الأثرية والسياحية الفريدة باعتباره أول سد حجري بالعالم لا يزال قائما. ومكان كهذا يستحق أن يكون مقصدا سياحيا عالميا لا يقل عن أهرامات الجيزة ومعابد الأقصر والكرنك. المطلوب هو الاهتمام بمنطقة وادي جراوي عن طريق وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة لتأهيل الموقع سياحيا، وكذلك وزارة البيئة، لوضع الوادي ضمن المحميات الطبيعية في مصر.

بين أيدينا كنوز لا نعرف قيمتها، لو أحسنا استغلالها لعم نفعها المجتمع كله.. المطلوب فقط شيء من التخطيط السليم ومزيد من العمل النافع، فهل من مستمع؟