أرجوك اسرقني.. مع الشكر الجزيل

TT

أنا شخصيا أستهجن الغباء، وأعجب بالذكاء حتى لو كان من اللصوص، وليس معنى ذلك أن (جينات) اللصوصية والعياذ بالله تسري في كياني، وإنما كل ما في الأمر أنني أفكر بمقولة: «من كانت لديه حيلة فليَحْتَلْ». ورغم حيلي الكثيرة التي أحفظها عن ظهر قلب، فإنني لم أطبّق منها في حياتي غير حيلة واحدة باءت بالفشل الذريع، والحمد لله أنهم لم يكتشفوها، وإلا كنت أخذت فيها (تأبيدة).

ما علينا، والآن إليكم حادثتان حقيقيتان:

الأولى بطلها لص غبي عقد العزم على سرقة أحد المستودعات، وفي ليل مظلم حاول فتح الباب لكنه لم يستطع، فاستعان بسيارته لسحب الباب ونجح في ذلك، ودخل المستودع وحمل كل ما فيه من الأشياء الثمينة، وركب سيارته فرحا، لكنه عندما حاول الانطلاق بها لم يستطع حيث إن صدام السيارة كان ناشبا بباب المستودع، ومع كثير من المعافرة والضغط على دواسة البنزين انخلع الصدام لكنه ظل عالقا بالباب، وحمد الله أن السيارة على الأقل قد تحررت، لهذا انطلق بها لا يلوي على شيء، ناسيا أن لوحة السيارة كانت مثبتة بالصدام. وفي صباح اليوم التالي اكتشف صاحب المستودع السرقة، فأبلغ رجال البوليس الذين حضروا للمكان، ومن رقم اللوحة عرفوا صاحب السيارة، وبقليل من التحري وصلوا في اليوم نفسه إلى منزله، وكان وقتها يغط في سبات عميق بسبب الجهد والسهر الذي استغرقه في الليلة البارحة. طبعا لم يستطع أن ينكر، فكل الأشياء المسروقة كانت لا تزال مكدسة في بيته ولم يصرفها بعد.

أما الحادثة الثانية فليس لها بطل واحد، لكنهم مجموعة من اللصوص الأذكياء، الذين رصدوا أحد المنازل وعندما تأكدوا من خلوه من السكان صمموا على سرقته، وكان صاحب ذلك المنزل - الذي أعرفه ولا أريد أن أذكر اسمه - قرر السفر إلى الخارج مع عائلته في الإجازة الصيفية، وقبل أن يسافر ودع جاره الطيب وأوصاه بالاهتمام وسقاية الأشجار التي أمام منزله، وذات يوم خرج الجار في وضح النهار، وإذا به يتفاجأ بسيارة نقل كبيرة متوقفة في فناء منزل جاره وحولها مجموعة من الرجال، فذهب مسرعا إليهم يستعلم ما الخبر.. فذكروا له أنهم من الشركة (الفلانية) - وأعطوه أي اسم - وأن صاحب المنزل سلمهم المفتاح لكي يحضروا ويأخذوا جميع (مكيفات) المنزل لعمل الصيانة الدورية اللازمة لها، لتكون جاهزة قبل أن يعود، وكانت نبرتهم واثقة ولم يظهر عليهم أي ارتباك فبعضهم كانوا يدخلون ويخرجون ويقومون بالفك والحمل والتنزيل، وكلهم يلبسون (أوفرولات) العمل، فاطمأن لهم الجار واستبشر بهم، بل إنه ذهب إلى منزله وأحضر لهم بعض المشروبات الباردة. ويبدو أنه استحسن الفكرة، لأنه سألهم: «كم تستغرق فترة الصيانة؟!»، فقالوا له: «يومين أو ثلاثة على الأكثر».

فخطرت على باله فكرة جهنمية و(ذكية) خصوصا أنه سوف يذهب من الرياض غدا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة مع أهله، فقال لهم: «ما رأيكم أن تأتوا غدا وتأخذوا أيضا (مكيفات) منزلي للصيانة؟.. وأرجوكم لا تتأخروا عن يومين بأي حال من الأحوال»، فقالوا: «ولا يهمك، سوف نبدأ بمكيفاتك أنت أولا»، وأخذ يشكرهم بحرارة.

وفي اليوم الثاني أخذوها (وهذاك وجه الضيف).

وعندما رجع مع أهله وجدوا منزلهم «مهوي» (ومن عيّن الفارة اللي بذنبها خيط؟!).. وهذا مثل بدوي.

[email protected]