هل المرأة عدوة نظيراتها في العمل؟

TT

على عكس الاعتقاد الشائع من أن الرجل هو من يحارب المرأة في العمل، فقد أظهرت دراسة جديدة أن ما يسمى بـ«الرموز النسائية» في المستويات الإدارية العليا في عالم الأعمال والشركات «أقل ميلا لمساعدة القادمات الجديدات إلى الصناعة التي يعملن فيها»، وفق معدة الدراسة البروفسورة في كلية أولن لإدارة الأعمال ميشيل دوغيد. وحددت الدراسة ثلاثة عوامل رئيسية تمنع النساء من تقديم يد العون إلى النساء الأخريات في عالم الأعمال والشركات، وهي «التهديد التنافسي والتهديد الجماعي وتهديد المحسوبية»، بحسب تقرير لمجلة «التايم» نشرته صحيفة «القبس».

والمقصود بـ«التهديد التنافسي» هنا هو أنه حينما يكون هناك عدد قليل جدا من النساء في العمل يصبحن أكثر عرضة للمقارنة مع أخريات، فتبرز فكرة أن هناك موظفة واحدة جيدة وأخريات سيئات، وفق ما تناولته الباحثة، أو أن تصبح الموظفة المرشحة على درجة عالية من التأهيل والاقتدار من نظيراتها، فيشعل قدومها نار الغيرة بينهن. أما «التهديد الجماعي»، فهو حينما يتم تعيين موظفة واحدة سيئة ثم تؤخذ الأخريات بجريرة فعلتها، كأن تتهم النساء عموما بأنهن متسيبات بسبب هذه الواحدة المتسيبة، وما أكثر ثقافة التعميم في مجتمعاتنا خصوصا حينما نتحدث عن فئة من المجتمع.

هذه الدراسة ذكرتني بسؤال أطرحه باستمرار على الموظفات والقارئات وهو: هل تفضلين أن يكون مديرك رجلا أم امرأة؟.. فيقع اختيار النساء دوما على الرجل. ومن أطرف التعليقات التي سمعتها أن الرجل ليس لديه مقدار الغيرة المغروسة في بنات حواء!

لكن المتأمل لواقع الحال لا يمكنه أن يلقي باللائمة على النساء فقط، في عداوتهن للمرأة، فمن الرجال من ما زال يشكل عقبة أمام تقدم المرأة أو انخراطها في سلك العمل وأنشطة المجتمع، بحجج واهية، كأن يرفض استكمال تعليمها أو تطويرها، فيحرم المجتمع من قدرات معطلة. وأذكر أن صحافيا أعد دراسة على عدد النساء في مجالس إدارات الشركات الكويتية، فوجد أن النساء يمكن عدهن على أصابع اليد، والأمر نفسه في قيادة الشركات، رغم أن الكويت يعتبرها البعض دولة خليجية متحررة!

من الذي يفعل ذلك يا ترى؟ هل هي المرأة، أم ذلك القيادي الذي قرر على مضض تعيين المرأة، مفترضا أنها لن تؤدي دورها على النحو المطلوب حتى يثبت له العكس، على طريقة أنها «متهمة حتى تثبت براءتها»؟ والبعض الآخر ممن يؤمنون بهذه النظرية، لا يمنحونها الفرصة أصلا، وإن اجتمعت لها كل الأجواء الملائمة، وهذا هو أسوأ صنف لأنه يسلبها حقها قبل أن يفسح لها مجال التجربة. ولذا تضع برلمانات عربية «كوتا» مقاعد محددة للنساء، لأن المشرع يعلم علم اليقين أن كثيرين لن يمنحوا المرأة الفرصة التي تحلم بها.

إذن فليست المرأة وحدها عدوة نفسها، بل هناك صنف من الرجال لا يريدون لنصف المجتمع أن يتقدم.

[email protected]