معركة الديب

TT

دفاع الأستاذ فريد الديب عن موكله الرئيس السابق محمد حسني مبارك هو دفاع حقيقي من العقل والقلب، يتعدى مجرد التصدي بالدفاع عن موكل، وأعمق من مسألة بيزنس بين طرف وآخر. أعرف الأستاذ فريد الديب منذ سنوات، وهو رجل عالم في شؤون الدنيا والدين، وينتمي لعائلة من العلماء في شؤون الفقه والشرع، كما أنه شخصيا كثيرا ما يهرب بنفسه إلى أماكن آل البيت المنتشرة في القاهرة الفاطمية من أجل السعي إلى الصفاء الروحي والاستقرار النفسي.

ولم يكن في فكر أو في بال الأستاذ الديب أن يصبح محاميا عن الرئيس المصري السابق في ما عرف بقضية القرن، وهي أكثر القضايا في تاريخ مصر إثارة وتأثيرا على حاضرها ومستقبلها القريب، لكن القدر فاجأه حينما تلقى محادثة هاتفية من صهر الرئيس مبارك بينما كان يبدأ زيارة طويلة لبيروت تطلب منه السفر فورا إلى مدينة شرم الشيخ للقاء الرئيس الذي كان قد تخلى عن سلطاته للجيش وقرر البقاء بعيدا عن القاهرة.

في لقاء الديب بالرئيس اكتشف أنه مطلوب للتحقيقات بشكل شفهي، بمعنى أنه لا توجد وثيقة استدعاء للتحقيق لسؤاله عن تهم غير محددة.

بعد 24 ساعة من التحقيقات تم ترحيل نجلي الرئيس للقاهرة لحبسهما احتياطيا، وتم - أيضا - صدور أمر بحبس الرئيس السابق.

ولعلها أصعب لحظة في تاريخ الأستاذ فريد الديب تلك التي كان يتعين عليه فيها أن يبلغ رجلا جاوز الثمانين بأن نجليه تحت التحفظ، وأنه - أي الرئيس - يواجه المصير نفسه، من دون أن تكون هناك وثيقة قانونية - وقتها - توضح له ما هي التهم الموجهة إلى موكليه!

وسواء كنت من مؤيدي الرئيس المصري السابق أو من معارضيه، فإنه كمتهم له كامل الحق في الدفاع أمام محكمة عادلة، وأنه كسجين يقضي فترة عقوبة من حقه أن يحصل على الرعاية الطبية اللازمة.

ومعركة الأستاذ فريد الديب الآن، التي يقيم الأرض ويقعدها من أجلها، هي معركة إنسانية تقوم على خوفه من أن يفقد موكله، والرجل الذي أحبه عن مشاعر حقيقية، حياته نظرا لضعف تجهيزات مستشفى السجن غير المهيأ للتعامل مع أي أزمة حادة.

معركة الأستاذ فريد الديب معركة محام ارتبط بصدق، نفسيا وإنسانيا، مع الرجل الذي يدافع عنه. يحدث ذلك في زمن أشباه الرجال، وزمن يسهل فيه بيع الضمائر والولاءات.