المرأة ذات المخالب

TT

ذهبت معه إلى ورشته التي يملكها ويديرها بنفسه، وهي عبارة عن مصنع مصغر يشتغل فيه مجموعة من العمال في (هنقر) كبير مغلق.

وعندما دخلنا وتجولنا، وإذا به يسأل العمال بصوت مرتفع: هاه ماذا تقولون الآن بالجو، هل تحسن التكييف؟!، فأجابوه بنعم، وشكروه على ما قام به.

وعندما دخلت معه إلى مكتبه في ركن المشغل سألني وهو يضحك قائلا: هل تعرف ما هي حكايتي مع العمال والتكييف؟! قلت له: لا.

قال: قبل أيام اشتكى الجميع من أن التكييف لا يعطي البرودة الكافية، وهم يعانون من الحرارة والرطوبة، وبحكم أنني ملم بعض الشيء بعلم النفس، فقد أتيت بأحد الرجال ممن أثق فيهم، وذهبت معه إلى الورشة في غير وقت العمل، وأمرته أن يأتي بأشرطة من القماش الرقيق، ويربطها بالمشابك أمام الفتحات التي يندفع منها الهواء.

وعندما أتى العمال في صباح اليوم التالي ورأوا الأشرطة تخفق في تيار الهواء، اعتقدوا أننا أصلحنا أو قوينا الأجهزة، ومن يومها انقطعت الشكوى، بل هل تصدق أن أداءهم وإنتاجهم قد تحسن، فرفعت رأسي أطل من شباك مكتبه على الورشة، وإذا بي فعلا أشاهد الأشرطة وهي تتحرك، فسألته: أليس تصرفك هذا يعتبر نوعا من الخداع؟!

قال لي: أبدا، فالإنسان يستطيع أن يتأقلم مع كل جو، ولو أنك هيأته نفسيا لتقبل الأمر الواقع القديم كأنه واقع جديد دون أن يشعر، وهذا هو ما فعلته.

وافقته على ما قاله مجاملة من عندي، رغم أنني أعرف بخله الشديد حتى على نفسه، فكيف على عماله؟!

* * *

قال لي طبيب: أتاني رجل لكي أفحصه، وعندما استلقى على الطاولة وكشف عن بطنه، فإذا (المخبول) قد طبع على بطنه وشما مكتوبا به: مرحبا يا دكتور، وتحت هذه الجملة وجه (كاريكاتيري) يضحك.

واحترت من هذه الحركة أو التصرف، ولا أدري هل هو يستهزئ بي، أم أنه يرحب حقا؟!

سألته: وماذا فعلت معه؟! قال: فحصته ووجدت لديه تلبكا معويا، وكتبت له (روشتة) لأدوية يشتريها، ومن ضمنها إزالة ذلك الوشم الذي كتبه ورسمه على بطنه - وهذا شرط لشفائه.

* * *

هناك تعريف يؤكد أن الإنسان الجميل هو: الذي تحرك قلبك وسامته.

ولا أدري عن مدى صحة هذا التعريف، خصوصا أن الجمال أنواع، والحركة أنواع.

غير أن العرب القدماء اختصروا هذا الموضوع عندما قالوا: إذا حسن صوت المرأة، وحسنت مشيتها، فقد حسن سائرها.

ولكن كيف لي أن أصدق ذلك وأنا أعرف امرأة صوتها كصوت (أسمهان)، ومشيتها كمشية (مارلين مونرو)، ومع ذلك لم يحسن فيها أي شيء آخر، حتى أظافرها تشبه المخالب.

[email protected]