دفاعا عن الحيوانات.. وباستماتة

TT

كان من المفروض أن ينشر هذا المقال أمس، ولكن للأسف حصل (التباس) من قبلي، ولكن «قدر الله وما شاء فعل»، ولم يفت الشيء الكثير.

واسمحوا لي أدخل في الموضوع سريعا ودون تردد، فقد أكد لي أحدهم - ولا أدري صدقه من كذبه -، قال: إن ما يدعى (بموقعة الجمل) التي حصلت في القاهرة، إنما كان سببها بالدرجة الأولى هو (قطع أرزاق) مجموعة لا بأس بهم من المواطنين كان عملهم الوحيد ومصدر رزقهم هو تأجير ما يملكونه من خيل وجمال وحمير وبغال للسياح لركوبها والتجول بها في الصحراء بين أبو الهول والأهرامات، وبما أن المظاهرات قد اجتاحت القاهرة، وانقطع السياح، وتوقف بالتالي عملهم، فانطلقوا بقضهم وقضيضهم بكل سذاجة وهبالة نحو ميدان التحرير للتعبير عن غضبهم، وعلى أمل أن ينتبه الناس إلى مصيبتهم، وليس من المستبعد أن يكون هناك بعض الأذكياء الخبثاء قد استغلوا هؤلاء المساكين ودفعوا بهم إلى أتون النار كالفراشات.

طبعا تلك الحيوانات المغلوبة على أمرها ما إن شاهدت حشود الجماهير، حتى فزعت و(برطعت)، وهي التي لم تتعود إلا على ركوب السياح من الرجال والصبيان والنساء الجميلات كذلك في جو من الانشراح والمرح.

وبين (الهرج والمرج)، سقط الفرسان من على صهوات حيواناتهم، وقتل من قتل منهم، وضرب من ضرب، واعتقل من اعتقل، وهرب من هرب. المأساة التي أريد أن أصل إليها ليست هنا، المأساة أن تلك الحيوانات (العجماء)، التي لا تدري ما هي (الطبخة)؟!، ولماذا جيء بها إلى هنا أصلا؟!، انطلقت مذعورة تتخبط في الشوارع، فلاحقها بعض المتحمسين وقضوا عليها قتلا إما رجما بالحجارة أو طعنا (بالمطاوي)، بل إن بعضهم وقفوا على جثثها النافقة يرفعون بأصابعهم شارة النصر. تذكرت هذه الحيوانات البريئة عندما قرأت رسالة من (جمعية برجيت باردو) لرئيس (أوكرانيا)، وجاء فيها: «نطلب منكم التوقف فورا عن هذه الجريمة الشنيعة كي تحافظوا على صورة أوكرانيا بلدا متحضرا وإنسانيا، ألا تخجلون؟ إنه عار يجلل العالم، عار القضاء بشكل غير شرعي على الكلاب الشاردة وتسميمها وحرقها حية في ظروف وحشية من أجل سبب تافه هو كأس أوروبا لكرة القدم».

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فيقال: إنه في أوائل الأربعينات الميلادية تكاثرت الكلاب الضالة في الرياض وتسببت في بعض الأذى وضج الناس منها، ففكر الملك عبد العزيز أن يقضي عليها قضاء رحيما، فشجع الأهالي أن كل من يقبض على كلبة أو كلب حيا أن يعطيه مكافأة، وتسابق الناس على هذا الفعل، وأمر ببناء حوشين كبيرين، يدخلون

الكلاب الذكور منها في حوش والأناثي في الحوش المجاور، وانتدب لهذه المهمة رجل من الشرطة يقال له: مصطفى، وهو الذي يكلف عماله يوميا لجمع كل بقايا الطعام والعظام من البيوت ويطعم بها الكلاب، واستمر على هذا الحال عدة أعوام إلى أن بدأت الكلاب تموت تدريجيا بسبب تقادمها بالعمر، والمؤسف أن الناس بدأوا يطلقون على ذلك الشاويش تندرا اسم (مصطفى الكلاب)، واستاء الملك واستدعاه وأعطاه جائزة تقديرية لجهده الوطني.

المؤلم من وجهة نظري الشخصية، هو (الحرمان الرهيب) عند سماع الكلاب الذكور لنباح الكلبات الأناثي، والعكس صحيح، ولا يستطيع أحد منهم أن يصل للآخر، حتى ولو (على الريحة).

هل تصدقون أن بدني قد اقشعر عندما تخيلت لو أن هناك حوشين، أحدهما للرجال، والآخر للنساء، وكل فريق منهما يسمع الصياح والتأوهات ولا يستطيع الوصول للفريق الآخر. لا أدري لو أنني كنت في ذلك الموقف، ماذا أفعل؟!، وبمعنى أصح: ماذا سوف (أنيّل)؟!

[email protected]