مرحلة انتقالية وانتقامية!

TT

كما توقعت بالأمس في هذه المساحة، فإن أزمة الانتخابات الرئاسية في مصر لن يتسبب فيها الفائز، ولكن ستكون لعدم قبول الخاسر بالنتيجة!

في ساعة مبكرة من فجر أمس، أعلنت جماعة الإخوان في مقر حملتها فوز مرشحها الدكتور محمد مرسي، وبعدها بنصف ساعة هاتفني (على الهواء مباشرة) في البرنامج التلفزيوني الذي أقدمه متحدث باسم حملة الفريق أحمد شفيق، نافيا تماما النتائج التي ادعتها حملة مرسي. ودون أن أدخل القارئ الكريم في المعارك والملاسنات والصراعات بين القوى السياسية المحتدمة في مصر، فإننا يمكن أن نصف المرحلة المقبلة بأنها «عدم القبول بحقوق الآخر»!

حملة الفريق أحمد شفيق سوف تحارب في القضاء وأمام لجنة الانتخابات طاعنة في نتائج «الإخوان»، ورافضة القبول بفوز الدكتور مرسي. أما جماعة الإخوان، فهي ترفض قرار المحكمة الدستورية العليا، يوم الخميس الماضي، ببطلان شرعية دستورية البرلمان الحالي، وبالتالي ترفض الإعلان الدستوري المكمل الذي يحدد صلاحيات الرئيس المقبل. والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لديه سلطات البرلمان بعد حله، وليس ورقة دستورية تعطيه الحق في الاستمرار بإدارة اللعبة السياسية.

إذن، بانتخاب الرئيس الجديد في مصر، فإن مصر ستدخل نفقا جديدا أكثر إظلاما عما مضى. بانتخاب الرئيس الجديد، الذي يرجح (حتى الآن) أن يكون مرشح جماعة الإخوان، نحن أمام صراع عنيف في الإدارة السياسية، حتى يصل إلى مرحلة العنف في الشوارع، وقد يصل إلى انقلاب عسكري في نهاية المطاف.

أما مبدأ المساومة والحوار والتفاوض السياسي بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة و«الإخوان»، فإنه يهدف إلى إيجاد صيغة للتعايش بين الطرفين لتحقيق الحد الأدنى الممكن من الاستقرار المنشود لهذه البلاد التي أرهقتها التجاذبات السياسية.

مصر، للأسف، ليست مقبلة على مرحلة استقرار، ولكن مقبلة على مرحلة من تصعيد الصراع والتوتر الذي قد يقسم الشعب إلى نصف يحكم ونصف محكوم! وإذا كان عدد الذين ذهبوا إلى صناديق الانتخاب تجاوز بقليل 24 مليونا، فإن النصف كان مع المرشح «ألف»، والنصف الثاني كان مع المرشح «باء». إذن، الفائز سوف يحكم بقوة أنصاره، ولكن لديه نفس العدد من الخصوم!

انقسمت مصر إلى فسطاطين؛ فسطاط إخواني إسلامي وفسطاط مدني معارض. أما فكرة التعايش، أو كما يسمونها في لبنان مسألة «العيش المشترك»، فإنها غير واردة في هذا العقد من الزمن.

لك الله يا مصر.