جدها في الفارق

TT

وقف مندوب «الإخوان المسلمين» في مصر يعلن نتائج الانتخابات النهائية، مع بعض الطعون: 51 في المائة لمرشح الحزب المهندس محمد مرسي، و48 في المائة للفريق أحمد شفيق. في علم الإحصاءات تعطى دائما نسبة 3 إلى 5 في المائة للحائرين. قرأ الرجل النتائج التي جمعتها آلات «الإخوان» ولم ينتبه إلى أنه وقع في فخ سياسي عجيب.

سواء فاز أحمد شفيق في نهاية الأمر أم لا، فإن النتائج «الإخوانية» مثيرة: من 75 في المائة للفرق الإسلامية في انتخابات مجلس الشعب إلى المناصفة تقريبا في انتخابات الرئاسة!! ما الذي جعل شعبية «الإخوان» تتراجع إلى هذه الدرجة؟ فريقان: أولهما «الإخوان» أنفسهم، والثاني مجموعة الخصوم والخائفين والمتخوفين.

تذاكى «الإخوان» فتذاكى الآخرون. بالغ «الإخوان» في الوعود وفي العودة عنها فلعب العسكر أوراقهم بيد من جليد. فقد «الإخوان» أعصابهم فشد العسكر من برودتهم: مرشح سلفي، لا.. مرشح إخواني أول، لا. ثان، برضو لا.. ثالث أيوة. مرشح عسكري أول، لا.. ثان، مش عاوزة كلام.

وفي هدوء.. الدستور غائب والساحة سيَّاحة.. لجنة تروح ولجنة ماترجعش.. مجلس شعب ينتخب ومجلس شعب يُحل.. أحكام صعبة وأحكام صعبانة على ميدان التحرير. منذ كنت يافعا ومتعتي مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة خصوصا «توم وجيري». وحتى الآن لا أعرف من هو توم ومن هو جيري. فإذا كان الرابح هو توم، إذن هو توم.. وإذا كان جيري، إذن، هو جيري. أما من هو توم ومن هو جيري، فلا أدري.

طبعا المسألة أكثر جدية بكثير.. بل ربما أكثر خطورة. لكنني توقفت عن الفهم. وكلما أصغيت إلى جلسة «تحليل» إضافية ازددت جهلا وضياعا. وهناك بعض المحللين المصريين أتابعهم أينما ظهروا، بكل إعجاب، من أجل أن يتضح لي ما كان غامضا.. هذه عادة توقفت. الآن أراهم على الشاشة وأرى أنهم يقولون شيئا.. ألاحظ أنهم يتنحنحون أحيانا مثل كبار العارفين، لكنني لا أفهم شيئا مما يقولون أو مما يتنحنحون.

كعادتهم يحول المصريون الحالات الصعبة إلى صور كاريكاتيرية لا مثيل لها. دخل الراحل محمود السعدني السجن لأنه سُمع يقول لصديق له على الهاتف: «الأول موّتنا من البكا.. ده هيموتنا من الضحك». حاول زياد بهاء الدين في «الشروق» أن يحصي المتغيرات السياسية التي جرت في مصر مؤخرا، ومعروف عن ابن أخينا العزيز أنه رجل علم وأرقام وقانون، لكنه ما زال يحصي.