الأمير أحمد بن عبد العزيز.. الأمن بين النجاح والتحديات

TT

الأمر السامي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يحفظه الله) بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيرا للداخلية خلفا للراحل العظيم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز (يرحمه الله)، يجسد القدرة الفائقة للقيادة السعودية على الإدارة المثلى لشؤون الدولة في أشد الظروف وطأة وفي ظل أصعب المواقف، وعند رحيل أحد أركان الدولة العظماء، ويؤكد حقيقة أن ولي الأمر يرى المستقبل بعين الحاضر، وأنه (رعاه الله) يضع مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وسلامته فوق كل الأحزان، فرغم أن الحزن يسكن الوطن وقيادته على فراق الأمير نايف بن عبد العزيز فإن القرارات المصيرية والأوامر السامية تصدر لتأمين الوطن وملء فراغ مؤسساته دون تأخير، وتأتي وفقا للمصلحة العليا للوطن، وتضع الشخص المناسب في المكان المناسب دون تردد أو إبطاء، فقد قيض الله سبحانه وتعالى للمملكة العربية السعودية الملك الإنسان والقائد الشجاع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجعل إخوانه البررة عضدا له مؤازرين ومؤيدين لما فيه مصلحة البلاد والعباد.

وباعتبار أن وزارة الداخلية من الوزارات المهمة دائما، وعلى وجه الخصوص في الوقت الحالي لمواجهة الظروف المضطربة في المنطقة والعالم، ولصد موجات الإرهاب المتتالية التي تقوم بها جماعات منظمة، وأحيانا تنفذها دول تحت مزاعم وأباطيل مختلفة، فكان لا بد أن تستمر سياسة هذه الوزارة دون تفريط في المكاسب الأمنية التي تحققت على يد المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز (يرحمه الله) على مدار ما يقارب أربعة عقود من الزمان، تحقق خلالها الكثير من الإنجازات في مجال دحر الإرهاب والتصدي للجريمة المنظمة والتهريب والتسلل والاتجار غير المشروع في المخدرات، وغير ذلك من صنوف الجرائم التي تستهدف أمن المملكة ومواطنيها والمقيمين على أراضيها، ناهيك بتأمين الحجاج والمعتمرين وزوار الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، لذلك جاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيرا للداخلية. وتكمن سلامة هذا الاختيار ونجاحه وموضوعيته في كثير من المعايير التي أفضت إلى اختيار وزير الداخلية المناسب في الوقت المناسب، وبما يحقق ما هو مناسب للوطن في الحاضر والمستقبل، وذلك لكثير من الأسباب المعروفة لأبناء الوطن، بل لمن هم خارج الوطن.

صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز يتحلى بمواصفات مهنية وأخرى شخصية من الضروري أن تتوفر في وزير داخلية المملكة العربية السعودية الذي يخلف الراحل العظيم، سمو الأمير نايف بن عبد العزيز، أما المعايير المهنية فهي تتمثل في سنوات الخبرة الطويلة والممتدة في مجال العمل الأمني، حيث تولى سموه موقع نائب وزير الداخلية منذ العام 1975م، قضاها نائبا ولصيقا لأخيه الراحل سمو الأمير نايف، ما يعني أنه يقف على كل صغيرة وكبيرة في مجريات العمل الأمني، وعلى دراية كاملة بكل مفردات المؤسسة الأمنية، وكان في تلك الفترة من المشاركين في صناعة القرار الأمني، كما سبق ذلك توليه موقع نائب أمير منطقة مكة المكرمة.

أما عن الصفات الشخصية للأمير أحمد بن عبد العزيز فهو معروف بالصرامة والجدية، والدقة، والهدوء، والمثابرة، والعطاء دون صخب أو ضجيج، وهو منضبط ومحب للانضباط، ولديه فكر سياسي ورؤية أمنية استراتيجية، يسعى لصد الجريمة والحيلولة دون وقوعها وإجهاضها قبل تنفيذها، ولقد نجح سموه باقتدار في إدارة ملفات كثيرة صعبة ومعقدة وعلى أكثر من صعيد، وهذا يعني أن الوزارة مستمرة في أدائها المعتاد بكل جد واجتهاد بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز، وبمساعدة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، صاحب الخبرة الطويلة والنجاحات غير المسبوقة في العمل الأمني، والمشهود له بالكفاءة والقدرة والفكر الأمني المستنير، كل ذلك يجعل المواطن السعودي، والمقيم في المملكة، وضيوف الرحمن، يطمئنون على أمنهم وسلامتهم وأموالهم وأعراضهم في واحة الأمن والاستقرار (المملكة العربية السعودية).

ومع تحقيق النجاحات الهامة على المستوى الأمني خلال السنوات الماضية سوف تظل الكثير من الملفات الأمنية مفتوحة على طاولة سمو وزير الداخلية وقيادات الوزارة في المرحلة المقبلة، ومن أبرزها:

* ملف الإرهاب، حيث يوجد من يتربص بأمن المملكة واستقرارها، ولا يشعر بالراحة ما دامت المملكة مطمئنة ومستقرة، ولذلك سيظل هذا الملف في مقدمة الملفات ومن أهمها لتأمين المملكة وتحصين شبابها وتفويت الفرصة على المتربصين والمتآمرين أينما كانوا.

* ملف تهريب المخدرات والاتجار بها، حيث توجد عصابات دولية تقف خلفها جماعات ودول لإيقاع شباب المملكة في مستنقع المخدرات ووحل تعاطيها لتدمير مستقبل الوطن.

* ملف التهريب والتسلل بما يتضمنه من تهريب البشر والسلع وغيرها.

* ملف الأمن الإقليمي والخارجي في ظل الاضطرابات الإقليمية والدولية ومحاولات تصدير الجريمة المادية الجنائية، والفكرية العابرة للحدود، وكذلك تصدير الآيديولوجيات المشبوهة والمدسوسة والمغلفة بغطاء ديني أو ثقافي أو فكري أو مذهبي أو غير ذلك.

* ملف الاختراق الإعلامي الذي يدس السم في العسل لتغريب الشباب خاصة، والمواطن العامة، عن فكر وعادات وتقاليد بلاده، وعقيدته الإسلامية النقية.

* ملف محاولات العبث بالوحدة الوطنية ونشر الطائفية المقيتة التي لم نكن نعرفها من قبل، ولن تكون موجودة إن شاء الله في المستقبل.

* ملف أمن منطقة الخليج، وهو من الملفات الهامة والعاجلة، نظرا لما يحاك من مؤامرات ودسائس لدول الخليج من قوى إقليمية بمساندة من قوى دولية متواطئة لزعزعة أمن منطقة الخليج.

* ملف الأوضاع غير المستقرة في بعض دول الجوار، ما يمكّن بعض القوى الإقليمية من استغلال هذه الأوضاع لتصدير القلاقل والفتن، وكذلك الأسلحة والأفكار الضالة عبر هذه البؤر الملتهبة في دول الجوار.

* ملف مستقبل المنطقة العربية وتأمينها في ظل تداعيات الربيع العربي وتأثير ذلك على استقرار المنطقة في ظل محاولات التدخل الأجنبي والهيمنة الإقليمية على بعض الدول العربية.

هناك ملفات كثيرة سوف تظل مفتوحة على طاولة سمو وزير الداخلية وفي فكره، وكذلك مطروحة أمام مساعديه ومعاونيه، فهذا هو قدر المملكة التي ستظل شامخة بإذن الله تعالى، رافعة راية التوحيد، مؤمنة بدينها وثوابتها، وعلى سدة الحكم فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ونذروا حياتهم لخدمة هذا الوطن وحمايته وتأمينه، ومن حسن الطالع أن معين هؤلاء الرجال لن ينضب وينابيعهم لن تجف، وراياتهم دوما خفاقة، والسياق التاريخي خير شاهد على مستقبل مزدهر وستظل المملكة هكذا إن شاء الله.

* رئيس مركز

الخليج للأبحاث في دبي