الصقر الحر

TT

كتب العشرات إن لم يكن المئات عن الأمير سلمان بن عبد العزيز بعد تنصيبه وليا للعهد في المملكة العربية السعودية.

وفي يقيني أنه لو جمعت كل هذه المقالات التي كتبها هؤلاء الكتاب بما فيها مقالي هذا، لما ألمت كلها ولا أوفت ولا استطاعت أن تعطي مزايا سلمان حقها. فهو من وجهة نظري فوق المديح والإشادة، لأنه أساسا لا يلتفت لها ولا يطلبها من أحد، فديدنه هو العمل والإنجاز والاندفاع للأمام، هكذا هو طوال عمره، وكأني به يطبق بالحذافير ذلك المثل الرائع القائل: اضرب يا بوزيد والناس يكفونك الثنا.

آفة الرجال التردد، وعظمة الرجال التبصر، وهو في كل حياته كان متبصرا لا مترددا.

إن قلت عنه (إسلامي)، فهو قد رضع رحيق وتعاليم وقيم الأخلاق من هذا الدين العظيم، رضعها من البيئة الحاضنة التي تفتحت عيناه فيها، ونشأ واشتد عوده بين جنباتها.

وإن قلت عنه (عروبي)، فمن هو الذي يستطيع أن ينافسه في هذا الشرف؟! وهو الذي تسري الأصالة في عروقه مثلما يجري الدم، بعيدا عن الشعارات الجوفاء، و(الجعجعة) التي لم يجن منها سماسرة وأدعياء العروبة غير الهزائم واللعب بمصائر الشعوب.

وإن قلت عنه (وطني)، فتلافيف فكره، ونبض قلبه، وأوتار أعصابه، لو قدر لها أن تتكلم لأغرقتنا بطوفان الحب والتضحية لكل فرد من أفراد شعبه.

وأظن بل وأجزم أن رأسه عندما يستقر على مخدة النوم، لا يفكر إلا في غده، وماذا سيفعل، ويعطي، ويتجاوز، ويسد، ويحسم، ويوجه، ويتخذ القرار.

وإن قلت عنه إنه قارئ ومثقف ومتابع، فسوف يكفيني كلام كل من عرفه واحتك به وقابله من الكتّاب والمبدعين والساسة وكل المنصفين.

وإن قلت عنه إنه إنسان عطوف شفوق، فلن يجانبني الصواب، بل وفوق ذلك سوف يأخذ بي العجب من هذا الطود الشامخ الصلب، كيف تسنى له أيضا أن يكون بهذه الرقة الشفافة التي تحتوي كل محتاج، وترفد كل مريض، وتواسي كل فاقد، وتشد من أزر كل يائس؟!

إن عشرات الأعوام التي قطعها سلمان في مناكب هذه الأرض الطيبة يحرث ويبذر ويزرع ويحصد، قد آتت أكلها فعلا لا كلاما، وهذا هو الفرق بين الادعاء الذي يذهب كغثاء السيل، وبين الفعل الذي يمكث بالأرض ويبعث فيها الحياة.

ولا شيء يصدق على وصف سلمان، أكثر من بيت الشعر الشعبي هذا:

واجد حرارن تجي وتروح / الفرق بين طيرانهن وطيرانه

[email protected]