أجلوا «عاجل».. حتى صدور المقال

TT

في المرسم يجلس الرسام وأمامه موضوع كما أمامه مباشرة اللوحة وفي يده ريشته. ينظر إلى الموضوع كل لحظة ثم يرسم بريشته جزءا مما يرى. هكذا نكتب هذه الأيام؛ عين على «عاجل» في التلفزيون ويد تكمل كتابة المقال. فقد يحدث أن تغير «عاجل» كل ما كتبت وجعلته من العصر الحجري ولو أنه حدث أمس. تصور أنك تكتب عن الرئيس السابق فيما هو أصبح الرئيس الراحل. وأنك تكتب عن الخوف من الانفجار فيما أن الانفجار قد وقع، والأسوأ قد بدأ. الأخبار في العالم العربي تمحو نفسها، خبر يمحو خبرا، وزنقة تمحو زنقة، وفي سوريا مدينة تمحو مدينة. أو بالأحرى لا تستطيع ذلك. منذ أشهر وحمص تحتفل بزيارة الرئيس بشار الأسد إلى حي بابا عمرو. ومنذ أشهر أيضا سئل الجنرال ميشال عون على التلفزيون عن الوضع في سوريا فقال: «اطرحوا عليّ هذا السؤال يوم الثلاثاء لأن كل شيء يكون قد انتهى». كان هذا تفاؤل الجنرال الذي عاد فقال بعد فترة إن الحل أصبح وشيكا والعصابات الإرهابية تكاد تستسلم. سقط نحو 3 آلاف قتيل منذ ذلك الوقت ولم تسقط مدينة سورية واحدة منذ 16 شهرا. الويل لنا فكل الأحداث تجري عندنا. حتى الانتخابات تتحول في العالم العربي إلى لعب. توقعنا أن تلجأ السلطة إلى التزوير فقيل إن المعارضة هي التي زورت 3 ملايين صوت. ليست مسألة عادة إذن بل عدوى. هكذا أيضا تحركت المحاكم الدستورية، الواحدة بعد الأخرى، من باكستان إلى مصر إلى الكويت. طلب العرب الانتخابات فكانت لهم النوعية المؤسفة في الكويت وطلبوا الإصلاحات فعرضها النظام السوري مع بقاء بشار الأسد 25 عاما أخرى، قابلة للتمديد أو التخليد. وفي مصر علق إعلان النتائج إلى أجل غير مسمى. في فرنسا تعلن النتيجة بعد دقيقة واحدة من إغلاق الصناديق. وفي فرنسا هزمت ابنة المسيو لوبان وفازت حفيدته. والرابح القانون الفرنسي والدولة الفرنسية. ليس المرشح من يعلن فوز نفسه بل الدولة تعلن فوز من فاز، رئيسا كان أو مرشحا. لا مكان لكلمة «طعن» في الانتخابات البريطانية. حتى في اليونان الواقفة على حافة جميع الهاويات، لم يتهم أحد أحدا بالتزوير. وعلى الرغم من المجاعة لا تقام خيام وذبائح. اعتقدنا أن التنافس في مصر سوف يكون بين الديمقراطيين والأقل ديمقراطية. بين أحفاد سعد زغلول وأبناء النحاس باشا. فإذا بها معركة بين العسكر والإخوان. بين نائب الطريق الزراعي والسيد البلكيمي، على ما كان اسمه. بين مجموعات ترفض في الأساس فكرة الديمقراطية ومفهومها، ما لم تكن مجرد وسيلة لتثبيت ثقافتها الديكتاتورية. بعد ربع قرن من نجاحاته المذهلة فاجأ النظام السوداني الناس برفع الدعم عن أسعار الخبز. وقد وعد البشير أنه لن يجدد. فقط الحزب الوطني سيفعل ذلك.