هل تهمنا حقبة ما بعد الأسد؟

TT

بدأت النزاعات في سوريا تتخذ شكل حرب أهلية. ويزداد عدد التساؤلات التي من المفترض أن يطرحها الساسة لإيجاد إجابات لها. وفي هذا الشأن، أشار وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، إلى نقطة مهمة، قائلا «علينا التركيز على حقبة ما بعد الأسد». إنه محق في تفسيره: ما لم يتوصل الساسة إلى تسوية بشأن حقبة ما بعد الأسد المأمولة، سيصبح من المستحيل إدارة التطورات في سوريا.

عند هذه النقطة، فلتصور هيكل حقبة ما بعد الأسد ولتحديد استراتيجية، يتعين علينا الإجابة عن هذه الأسئلة: «هل ترغب في تدخل عسكري أم لا؟» في حالة الإجابة عن هذا السؤال بالنفي، قد تستمر التطورات في سوريا بديناميكياتها الداخلية لفترة غير محددة. وفي حالة الإجابة عن هذا السؤال بالإيجاب، سيتعين عليك الإجابة عن مزيد من الأسئلة.

تتمثل الأسئلة المحورية في: «ما مقصدك السياسي؟ ما نوع التدخل العسكري الذي تحتاجه؟» بعبارة أخرى، «ماذا تفهم عن حقبة ما بعد الأسد؟». نحن نعلم أن إجابة دارجة مثل «إرساء الديمقراطية» لا تحمل أي معنى.

في نهاية كل يوم، نطرح على أنفسنا السؤال التالي: «ما السمات السياسية لسوريا جديدة نجت من حروب عرقية / نزاعات طائفية، والتي سوف تشهد استقرارا على المدى المتوسط؟». إن من شأن «مقصد سياسي» واضح القضاء على أمور غير مؤكدة مثل تحديد جوانب التدخل والاستراتيجيات والتنظيم وهيكل سلسلة القيادة.

وبدلا من إجابة واضحة، سوف تؤدي التفسيرات الغامضة والافتقار إلى التخطيط إلى مشكلات في المستقبل. بمعنى أنه على المدى المتوسط، لن تكون هذه المشكلات قاصرة على سوريا وحدها، وإنما ستواجه الدول التي تتدخل في سوريا أيضا مشكلات في ما يتعلق بالسياسات المحلية.

إضافة إلى ذلك، فإنه ستنشأ مشكلات بين الدول التي تقوم بدور الوساطة بالمثل. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك العراق وأفغانستان وكذلك ليبيا، تلك الدول التي واجهت حالة من الفوضى.

إن التدخل لتحقيق مقصد سياسي مبهم مثل «إرساء الديمقراطية» يمكنه إحداث حالة من الفوضى في الدول المتحالفة بشكل طبيعي. أرغب في التأكيد على موضوعين. أولهما أن الفوضى ربما تنشأ بين الساسة الذين قرروا التدخل ومجتمعاتهم لأن حالة السخط الشعبي ستزداد مع زيادة تكاليف التدخل والإصابات الناتجة.

بإمكان الساسة الذين يخشون من ردود أفعال عامة الشعب، تغيير قراراتهم بحسب السياسات الداخلية لا الضرورات العسكرية كي ينجو بأنفسهم. وهذا الموقف يجعل التدخل عديم الجدوى ومكلفا.

ثانيا، من شأن قرارات الساسة دائمة التغير بشأن المقاصد السياسية أن تتسبب في إفشال العمليات، فضلا عن أنها قد تحطم معنويات الجنرالات. في النهاية، سيحدث توتر شديد بين الجنرالات والساسة. وتعتبر عمليات حزب الله في إسرائيل وحلف الناتو في أفغانستان أمثلة واضحة على هذه المشكلات.

إن عدم تحديد المقاصد السياسية من البداية من شأنه أن يمزق الترابط بين الحلفاء مع مرور الوقت، لأنه سوف تختلف الصورة التي ترغب كل دولة في رؤية سوريا عليها وفقا لمصلحتها.

أخيرا، من شأن غياب المقصد السياسي الواضح أن يزيد حالة العنف في سوريا ويجعل الأطراف المتناحرة تركز على الأهداف المضخمة.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية