بون... محط أنظار العالم

TT

تبدأ اليوم، في قلعة قديمة بالقرب من بون في المانيا، اجتماعات اكثر من 25 زعيما يمثلون، تقريبا، جميع الاتجاهات السياسية في افغانستان، وذلك بغية التوصل الى تشكيل حكومة افغانية مؤقتة.

ولكن هل ستؤدي هذه العملية، التي تنظمها الامم المتحدة، الى تحقيق النتائج المرغوبة؟

الوقت وحده كفيل بالرد على هذا السؤال، خصوصا ان العديد من المعطيات لا تبدو مشجعة على التفاؤل، فالجماعات الممثلة في بون لا تتمتع بثقل تمثيلي واحد أو متواز على الساحة الافغانية: الجبهة الاسلامية الموحدة، التي تسيطر الآن على 80 في المائة من البلاد، ليست بمستوى جماعة روما التي يقودها الملك السابق ظاهر شاه والتي لا تسيطر على أي منطقة من افغانستان، كما ان وجود جماعات تمثل مصالح ايران وباكستان يمكن ان يعقد محاولات الافغان للتوصل الى اجماع، فطهران واسلام اباد يمكنهما دائما منع قيام تحالف لا يرضي مصالحهما. والسبب الثالث للتشاؤم يرجع للطبيعة المبهمة، ولا نقول المشوشة، لخطة الامم المتحدة نفسها، فالدبلوماسيون يعرفون انه كلما كانت الخطة معقدة وطويلة الامد تقلصت فرص تطبيقها. وغير خاف ان خطة الامم المتحدة مبهمة في طرحها لآلية التسوية.

مع ذلك هناك ما يدعو للتفاؤل، فربما ضاق الافغان ذرعا وملوا من الحروب وبالتالي اصبحوا أكثر استعدادا للتخلي عن بعض الطموحات قصيرة المدى لحماية المصالح الوطنية طويلة المدى. فباكستان التي خسرت كثيرا بتأييدها لطالبان، ربما تكون مستعدة الآن للاكتفاء بنفوذ محدود في اي حكومة افغانية مستقبلية، بينما ايران التي تؤيد الاقلية الشيعية في افغانستان، فقد تفكر مرتين قبل ان تتسبب في فشل اتفاقية سلام تقرها الاكثرية السنية. وربما كان اهم اسباب التفاؤل وجود نفوذ دول التحالف (الولايات المتحدة وبريطانيا) وراء مؤتمر بون. لقد كرر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اكثر من مرة قوله ان التحالف لن يتخلى عن افغانستان ويتركها وحدها في جولة جديدة من الحرب الاهلية والفوضى.

ومن الحكمة حمل الافغان على التحدث مع بعضهم بعضا لفترة من الزمن قبل ان يتدخل التحالف مباشرة في مفاوضاتهم. ومعظم اعضاء الوفود في بون لا يعرفون بعضهم وسيحتاجون الى بعض الوقت لكي يتعارفوا. والبعض منهم لديه خبرة في الحروب قضى معظم حياته يقاتل. والبعض الاخر من جماعات المنفيين الذين لم يشاهدوا اطلاق نار في حياتهم. وايضا ذكريات ورؤى الوفود مختلفة ومتنوعة. وهم في حاجة الى وقت للافصاح عنها ولكي يعرفوا ما هو الحد الادنى الذي يمكن عن طريقه التوصل الى الاجماع. وفي الوقت ذاته يجب على المجتمع الدولي استئناف تقديم المساعدات الضخمة لافغانستان والبدء ببعض اعمال اعادة البناء لكي يوضح للافغان ان الابتعاد عن ثقافة الحروب يمكن ان يؤدي الى منافع ملموسة.