تركيب القاعدة.. وتفكيكها!

TT

كان بن لادن هو رأس القاعدة، حوله رجاله المقربون، وهم مساعدوه وبعض قادة الجماعات الاصولية التي قدرت بـ 24 جماعة مرتبطة بـ «القاعدة» ومكونة عمادها، تضم ما بين 3000 ـ 5000 عضو، كانوا يتعسكرون في مواقع منتشرة في افغانستان، منها معسكرات معروفة في خوست وكابول وجلال اباد وكوتار وقندهار التي دمرها القصف الامريكي!.

اشرف بن لادن مباشرة على مركب القاعدة التنظيمي المكون من «لجنة الشورى» و«اللجنة العسكرية» و«اللجنة التشريعية» وكذلك اللجنتين الاعلامية والمالية!.

في «اللجنة العسكرية» يجري التفكير في الاهداف وتحديدها وطبخ خطط تنفيذها في حلقة ضيقة من اشخاص محددين وفي سرية تامة، كان منهم المصري محمد عاطف الملقب بـ «ابي حفص» الذي قتل اثناء القصف. اسمه الحقيقي صبحي محمد ابو ستة، شاويش شرطة سابق! كان مسؤول اللجنة العسكرية في القاعدة وقائد الخلايا العملياتية! والى جانبه المدعو محمد موسى الذي يقود اللجنة الامنية!.

ايمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد المصري حليف بن لادن الرئيس وبمثابة نائبه ومنظره الفقهي، الفلسطيني «ابو زبيدة» المعروف بـ «زين العابدين محمد حسن» يعتقد انه المسؤول عن تدريب عناصر القاعدة في معسكراتها داخل افغانستان.

وللقاعدة مؤيدون وانصار وخلايا منظمة يتواجدون ويتحركون في اكثر من 50 بلدا، ابرزها بريطانيا والمانيا وكندا وامريكا والبانيا وتنزانيا وبلدان عربية عديدة، اعتقل حتى الآن ما يقارب 600 مشتبه في علاقتهم بتنظيم القاعدة في حوالي 50 بلدا.

الاعضاء المنتمون الى «القاعدة» والجماعات المنضوية تحت لوائها جاءوا من جنسيات وثقافات ومستويات معيشية مختلفة، لكنهم يجتمعون على فكرة آيديولوجية سواء تمتح من اصولية متطرفة تجد في طالبان «مدينة فاضلة» وتتوسل الاسلام بغية قلب الانظمة القائمة في عديد الدول الاسلامية واقامة مثالها القائم في تصورها عن دولة الاسلام، كما كان حال افغانستان على طريقة طالبان!. اما انموذج السودان في عهدة «البشير» فقد خون حتى لا نقول كفر. وحسن الترابي الذي كان احد ابرز الآباء الروحيين المقربين عند بن لادن واتباعه شكك فيه بسبب ما يظن في مشروعه من تغرب ومعاصرة ومداهنة للسياسة الدولية، ليبقى الاقرب الى فقه تنظيمات القاعدة نوعية خاصة من فقهاء العنف، دعاة هجرة المجتمع وتكفيره واسلمة الارهاب!.

غالبية اعضاء القاعدة جاءوا اليها من «الجماعة الاسلامية» و«الجهاد الاسلامي» المصريتين والى ذلك ترتبط بعلاقات واتصالات واسعة وثيقة تشمل الجماعة الاسلامية المسلحة المعروفة بـ «الجيا» والجماعة السلفية المقاتلة في الجزائر وجيش عدن وغيرها من الجماعات الاصولية الصغيرة في البلاد العربية ودول آسيا الاسلامية من الشيشان وكشمير، الى الفلبين.

وقد لوحظ بعيد تفجير السفارتين الامريكيتين في نيروبي ودار السلام ومن ثم قصف افغانستان في عهد بيل كلينتون، تقلص الصلات وتحجيم العلاقات والاتصالات بالتنظيمات الاصولية خارج افغانستان..!.

ان سر نجاعة بن لادن في بناء هذه «القاعدة الاصولية الاممية» تعود، في الاساس، الى قدراته المالية الموروثة من تركة ابيه، حيث تقدر ثروة بن لادن لوحده بمئات ملايين الدولارات، كما انه يحظى بدعم مالي من متبرعين اغنياء في الشرق الاوسط، والخليج على الخصوص (كما تقول تقارير غربية). يشار، في الدوائر الغربية، الى دور اخيه غير الشقيق محمد جمال خليفة في ادارة جزء هام من شبكة بن لادن المالية واستثماره في مورشيوس وسنغافورة والفلبين وماليزيا (الرجل انكر هذه الاتهامات في تصريحات صحفية).

ماليا، جرى توزيع الموارد المالية التي تحول من خلال بنوك في الخليج العربي عن طريق الشيخ محمد حسين المهدي ـ كما تقول تلك التقارير الغربية ـ.

خلال التسعينات مول بن لادن من امواله عددا من العمليات للانفاق على شراء الاسلحة وتهريبها وتسديد مصاريف الاقامة الفندقية وتأجير البيوت والسيارات وغيرها من لوازم استراتيجية لدعم عمليات منظمات وجماعات اصولية تعمل ضد حكومات عربية واسلامية، كما في الجزائر ولبنان وسوريا وتركيا وطاجيكستان، مثالا لا حصرا شهد السوداني جمال احمد، في محاكمة المتهمين في محاولة تفجير مبنى التجارة العالمي، ان بن لادن حاول بين عامي 1993 ـ 1994 شراء كمية من اليورانيوم المخصب مقابل مليار ونصف المليار دولار.

كانت الرغبة في امتلاك سلاح مدمر فكرة تتملك عقل «القاعدة» القيادي المهووس بتدبير عمليات ارهابية كبرى غير مسبوقة. من هنا لازم الامر افكار غير مسبوقة. هذا ما نتبينه من الاطلاع على المعلومات والوثائق والكتب والاسطوانات المدمجة والتصاميم التي خلفها وراءهم اعضاء «القاعدة» اثناء فرارهم العجول المرتبك من المعسكرات والمدن تحت قصف الامريكان الجحيمي وزحف تحالف الشمال الكاسح!.

خلفوا وراءهم انسكلوبيديا تعد «دائرة معارف حربية» في احد عشر جزءا تشرح اساليب العمليات المسلحة عبر القارات ودروس في مجالات الاسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية! وجد في مبنى وزارة الدفاع الطالبانية تصاميم وكتابات عن السلاح النووي. وفي بيت في كابول عثر فريق مخابرات غربي على تصاميم خيال علمي (خرافي) لطائرة مقاتلة متطورة سماها مصممها او طالب تصميمها «غول علاء الدين». انها تصاميم ـ حسب خبير غربي عرضت عليه ـ: «غير ممكن تنفيذها لأسباب عملية». دع عنك تصاميم وافكار تعبر عن عقل علمي تبسيطي في مستوى طالب ثانوي يستمد معلوماته من كتب فيزياء في مستوى منهج ثانوية عامة!، لكن الرغبة في اختراع شيء خارق واختيار تسمية «غول علاء الدين» لطائرة مقاتلة غير تقليدية جديدة للغاية»، كما يسميها مصممها المجهول الذي ارادها شديدة السرعة والتخفي بحيث يستحيل تقفي اثرها، تطير بطاقة البيدرازين ومزودة بسلاح خارق للعادة، تلك الرغبة في «غول» منسوب الى علاء الدين صاحب المصباح السحري تشي باستنجاد بالسحر والاسطورة كي تأتيه بالحل الخارق. لقد فر صاحب التصاميم الخارقة مع من فر الى الكهوف والجبال مخلفا وراءه تصاميمه غير مبال بوقوعها بيد اعدائه! فر مع المطاردين من الامريكان وتحالف الشمال ومن معظم اهل افغانستان المنقلبين على الطالبان والعرب الافغان مبدين لهم كرها شديدا كان دفينا!!.

[email protected]