سوريا.. هل العراق أول الدول المنشقة!

TT

تصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الأخيرة بالقاهرة عن النظام الأسدي، ووصفه إياه بالنظام الشمولي الطاغي، تعني عمليا أن العراق هو أول الدول المنشقة عن دعم النظام الأسدي، ولو إعلاميا، وبالتالي لم يتبق للأسد إلا إيران، وحكومة لبنان، وهنا قد يقول قائل: وماذا عن روسيا؟

والحقيقة أن موقف موسكو أشبه بمن يضع قدما هنا وقدما هناك اليوم. فبعد موافقة روسيا على بيان جنيف الأخير، يبدو أن قوة موقف موسكو تكمن بالتعطيل في مجلس الأمن وليس بالحل، أي مقدرة إجبار الأسد على الخروج من دمشق. وبالتالي فإن موسكو هي أشبه بمن يضر ولا ينفع، وهذا دأبها في منطقتنا، سواء بمصر عبد الناصر، أو عراق صدام، أو مع طاغية دمشق اليوم. فبعد موقف روسيا بجنيف، لا يمكن القول بأن موسكو تقف مع الأسد، أو ضده، وهي حالة محيرة فعليا، ولذا فإن اللافت الآن هو تصريحات وزير الخارجية العراقي حول سوريا وتشبيهه الأسد بنظام صدام حسين، وقوله - أي زيباري - بأن موقف العراق هو الوقوف مع الشعب السوري!

أهمية تصريحات زيباري تكمن في أنها صادرة عن وزير خارجية الحكومة العراقية الحالية الواقعة تحت وطأة النفوذ الإيراني، وبالتالي فإن تصريحاته تكون لافتة، فهل أدركت الحكومة العراقية اليوم أن الأوضاع بسوريا ليست في مصلحة الأسد. ولذا فإن بغداد اليوم تشن هجوما لاذعا، وعلى لسان وزير خارجيتها المخضرم وصاحب اللباقة والكياسة السياسية التي افتقد إليها العراق كثيرا في ظل حكومة نوري المالكي، على مجرم دمشق؟ ربما، وعلى عكس الحكومة اللبنانية التي بررت في بيان مخجل، ومؤسف، اختطاف قوات النظام الأسدي لجنود لبنانيين من داخل الأراضي اللبنانية، فبدت في حالة خنوع فاضحة تدل على أن حكومة لبنان ليست سيدة قرارها، ولا تنوي أن تكون كذلك!

ولذا فلا بد من التدقيق طويلا أمام موقف وزير الخارجية العراقي تجاه الأسد، فهو موقف لا يقل أهمية عن انشقاق خمسة وثمانين جنديا سوريا مساء أول من أمس، وبقيادة أحد كبار الضباط. فموقف السيد زيباري لا يمكن أن يكون منفصلا عن موقف الحكومة العراقية، وحتى ولو بحجة أن العراق يرأس الدورة الحالية للجامعة العربية، بل إنه، أي الموقف العراقي، يوحي بأن تغير المواقف على الأرض في سوريا هو ما جعل العراق أول الدول الحليفة المنشقة عن الأسد، ولو إعلاميا. ومن هنا يتضح أن نظام الأسد بات يتفسخ عن جلده يوما بعد آخر، وحتى أقرب حلفائه بات لا يجد مناصا من مهاجمته علنيا، مما يعني أن هذا النظام ينهار يوما بعد آخر. فالسيد زيباري، مثلا، لم ينتقد الأسد هذا الانتقاد الحاد حتى حين هدد المالكي قبل أعوام الأسد باللجوء لمجلس الأمن عقب التفجيرات الإرهابية التي عصفت ببغداد وقتها، واتهم المالكي حينها نظام الأسد بالوقوف خلفها!

وعليه، فالواضح اليوم أن العراق، ورغم النفوذ الإيراني عليه، لم يعد يحسب حسابا للأسد، ولهذا بالطبع مدلولات كبيرة، أهمها قد يكون أن العراق هو أول الدول المنشقة عن التحالف مع الأسد الذي لم يعد يخيف أحدا ببغداد، وأن طاغية دمشق تحول إلى أسد من ورق في نظر العراقيين.

[email protected]