العفوية أبلغ في التعبير

TT

توصل العلماء إلى أنه حينما يطلب منا التبسم أمام الكاميرا، فإن ابتسامتنا تكون في كثير من الأحيان «صفراء» مصطنعة؛ لأن طلب التبسم انتقل من مركز السمع واللغة في الدماغ إلى مركز عضلات الوجه مباشرة، غير أننا كلما تدربنا على هذا النوع من التبسم كانت مقدرتنا على التبسم أفضل، وهو ما ينجح فيه الممثلون البارعون. في حين أننا حينما نبتسم عفويا في لقاء عابر أو إثر الاستماع إلى قصة لطيفة، فإن ابتسامتنا التلقائية هذه تنبع من مركز الانفعالات في الدماغ لترسم ابتسامة مشرقة طبيعية على محيانا.

هذا ما ذكره أستاذ الجراحة العامة الدكتور عمرو شريف في كتابه الجميل الصادر العام الحالي «ثم صار المخ عقلا». وهذا دليل على أن انفعالات الإنسان، في عمله أو خارجه، كلما كانت طبيعية وتلقائية كانت أكثر وقعا على الآخرين.

وهذا الأمر يجرنا إلى مسألة في غاية الأهمية وهي التكلف الممقوت في حديثنا وابتساماتنا مع الآخرين التي نظن بأننا نحسن صنعا في تمثيلها، لكنها في حقيقة الأمر مسألة مكشوفة لكثير من زملائنا ومعارفنا، الذين لا يجب أن نتوقع منهم أن يبدوا لنا مشاعرهم الحقيقية، وذلك لأسباب معروفة.

ولهذا فإن علم التواصل الحديث يحث الإنسان على أن يتصرف على سجيته أو كما يقال بالإنجليزية Be Your self حتى تنتقل المشاعر والكلمات بعفوية إلى الآخرين من دون حواجز التصنع التي تشوه جمالية المشاعر. ولذا قيل إن الكلام الذي يخرج من القلب يدخل إلى قلب المستمع.

ولكن مع ذلك ما زال البعض يمطرك بوابل من الكلام المعسول ليكسب مودتك، رغم أنه يعلم علم اليقين أن ذلك يخالف مشاعره الحقيقية، ناسيا أو متناسيا أن الإنسان مخلوق ذكي جدا، فمهما ارتسمت على ملامحه أمارات البراءة والغفلة إلا أنه في حقيقة الأمر أذكى مما يتصور أولئك الذين يستغفلون الناس لاعتقادهم بأنهم أذكى منهم!

* كاتب متخصص في الإدارة

[email protected]