فاتورة سوريا؟

TT

ليس لدى الأميركيين تصور متكامل وفعال ضد نظام بشار الأسد.. هكذا أكد لي مصدر عربي مطلع على مجريات ما حدث في اجتماعات جنيف الخاصة ببحث الملف السوري.

وأضاف هذا المصدر أن «الانشغال الأميركي بالملف الداخلي المحلي بسبب الانتخابات الرئاسية يجعل الإدارة الأميركية شديدة الحرص على تأجيل أي قرارات كبرى تتعلق بأماكن التوتر في العالم، وبخاصة إذا كانت تحتمل أي قرار بتدخل أو دعم عسكري».

ومن المعلومات المتوفرة أيضا أن الإدارة الأميركية تعتبر أن الملف السوري شديد التعقيد والحساسية لأن تداعياته لا تتصل بالحالة السورية وحدها، ولكن بعدة ملفات أخرى مثل: لبنان، والأردن، وتركيا، وإسرائيل، والعراق، وإيران، وحماس، وحزب الله.

الأردن أكثر الدول حساسية للوضع المتأزم في سوريا وظهور نظام حكم إسلامي في دمشق قد تكون له تداعيات «الدومينو» على الوضع الجغرافي للمملكة الأردنية التي تعاني من حالة عدم استقرار سياسي وارتفاع سقف المطالب الاقتصادية في ظل تركيبة سكانية تميل فيها الغلبة في التعداد للمكون الفلسطيني.

أما العراق ذو الحدود الملتصقة بسوريا فإنه عانى لفترة طويلة من تهريب السلاح والمقاتلين من التيارات الجهادية والبعثية والتابعة لتنظيم القاعدة إلى البلاد عبر الحدود السورية.

ويذكر أن كولن باول، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، كان قد تقدم في اجتماعه المطول الشهير مع الدكتور بشار الأسد، في عهد إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، بقائمة مطالب أميركية من النظام السوري؛ أولها إيقاف التسلل للمقاتلين والسلاح عبر الحدود السورية.

أما في لبنان؛ فإن الوضع في مناطق الشمال اللبناني المضطربة بقوة تيار الإسلام السياسي السني المتشدد الموالي للامتدادات الخاصة به في سوريا، فإنه ينتظر النصرة والغلبة له عقب سقوط نظام الأسد وفوز تيارات «الإخوان» و«الجهاد»، مما يحول لبنان من بلد يقوى فيه الإسلام الشيعي، ممثلا في حزب الله، مدعوما من نظام الأسد، إلى بلد يقوى فيه الإسلام السني السلفي، مدعوما من النظام السوري الجديد.

وتراقب تركيا التغييرات في سوريا بشكل فاعل من خلال النشاط الواسع للاستخبارات العسكرية التركية في دعم المقاتلين السوريين بالسلاح والمال والمعلومات من أجل تأمين الحدود والمصالح.

أما حماس وحزب الله فهما يراقبان الموقف بقلق لا حدود له؛ لأن فقدان دمشق كقاعدة تنسيق ودعم وتمويل وتسليح هو خسارة لا حدود لها. وفي الخلفية تقف إيران وروسيا والصين - حتى الآن - بشكل داعم لبقاء نظام قرر الجميع أن تكون فاتورة نهايته طويلة الأمد، شديدة القسوة، باهظة التكاليف على شعب يسفك دمه ليل نهار.