انهيار وشيك في المحادثات النووية الإيرانية

TT

دراسة مقترح التفاوض الذي تقدمت به إيران إلى مجموعة «P5 + 1» تجعلك تدرك النقاط التي يمكن أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق بشأنها، وفي الوقت ذاته فجوة شاسعة في المواقف الحالية لكلا الجانبين وسيكون انهيار المحادثات بعد اجتماع الخبراء المقرر عقده الأسبوع الحالي النتيجة الأكثر احتمالية.

النقطة التي يتوقع الاتفاق بشأنها هي مطلب وقف إيران إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة وأن تقوم بتصدير مخزونها الحالي من هذا الوقود. لكن نص المقترح الإيراني لا يقدم هذا التنازل بصورة مباشرة، لكن العديد من المصادر الإيرانية قالت إن اللغة التي تم تقديم الاقتراح بها تسمح بمساحة لإمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن هذه القضية.

بيد أن الجانبين لا يزالان على طرفي نقيض، حتى أن مصادر إيرانية تتفق مع ما صرح به مسؤولون أميركيون وأوروبيون من أن الاتفاق ربما يكون مستحيلا بنهاية المحادثات المقرر عقدها يوم الأربعاء. وربما تبدي إيران رغبة - كما تأمل مصادر أميركية وإسرائيلية - في استمرار المحادثات في مكان آخر في حال فشلت المفاوضات، لكن ذلك أمر بعيد المنال.

وقد حصلت من مصدر وثيق الصلة بالمحادثات على ملف يتضمن 48 صفحة «باور بوينت» قدمه المفاوضون الإيرانيون في موسكو، وهي وثيقة مثيرة للجدل تنقل وجهة نظر إيران بلغة تبدو بعض الأحيان دفاعية وحازمة إلى حد بعيد.

تؤكد الفكرة التي خصص لها الإيرانيون الثلث الأول من الملف أن «تخصيب اليورانيوم حق أصيل منصوص عليه في المواثيق الدولية، بموجب معاهدة منع الانتشار النووي، التي وقعت عليها إيران قبل عشر سنوات. لكن بعض الخبراء الأميركيين والإسرائيليين يرون أن هذا الزعم موضع شكوك بالنظر إلى غموض لغة المعاهدة، لكن المسؤولين الإيرانيين أصروا على أن ذلك جزء لا يتجزأ من أي اتفاق.

ورسم الإيرانيون مبادئهم التوجيهية في فصل بعنوان «إطار عمل لحوار مستهدف وشامل لتعاون طويل الأجل» وكخطوة أولى «تؤكد إيران معارضتها للأسلحة النووية بناء على فتوى المرشد الأعلى بشأن هذه الأسلحة». وفي المقابل تعترف الولايات المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بحقوق إيران التي تنص عليها معاهدة منع الانتشار النووي، وبخاصة تخصيبها لليورانيوم.

يقترح القسم التالي «تدابير الشفافية»، تتضمن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ما قالت الوكالة في مارس (آذار)، إنها «أبعاد عسكرية محتملة» للبرنامج السلمي المعلن، في مقابل وقف الولايات المتحدة وحلفائها عقوباتها الأحادية خارج إطار الأمم المتحدة.

الخطوة الثالثة تضمنت عرضا تمت صياغته بطريقة غامضة بشأن التعاون مع مجموعة «P5 + 1» لتوفير الوقود المخصب الذي تحتاجه لمفاعل أبحاث ظهران الذي يستخدم وقودا مخصبا بنسبة 20 في المائة. وتشير مصادر إيرانية إلى أن هذه الإشارة الموجزة تفتح الباب أمام تلبية الاحتياجات بالحاجة إلى وقود مخصب بنسبة 20 في المائة، الذي وصف في الاختصار «أوقف السفينة»، في المقابل يتم وقف كل عقوبات الأمم المتحدة.

بعد قراءة الوثيقة يتضح السبب في توقع المفاوضين الغربيين الوصول إلى طريق مسدود، فحتى وإن كان الحديث عن تخصيب 20 في المائة قد صيغ بدهاء، لكن الملف الإيراني يرفض بشدة إغلاق منشأة فوردو، ومنشأة قم التي أقيمت تحت جبل. شرح السبب وراء التحصينات القوية التي تتمتع بها هذه المنشأة، بحسب الوثائق هو «مواجهة التهديدات المستمرة، وأننا بحاجة إلى منشأة دعم لحماية أنشطة تخصيبنا»، وهذا تحديدا هو ما يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل.

ما يزيد من تعقيد المسألة اقتراح الإيرانيين التعاون بشأن القضايا الإقليمية وبخاصة البحرين وسوريا، في مقابل مساعدة الغرب في مكافحة القرصنة وأنشطة تجارة المخدرات. وهذا لن يقنع واشنطن ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو الذي أشار إلى أنه سيعارض أي اتفاق لا يوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم بشكل كامل والتخلص من ستة أطنان من اليورانيوم منخفض التخصيب، إضافة إلى اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة.

وإذا ما انهارت المحادثات هذا الأسبوع، سيكون التساؤل هو ما إذا كانت المفاوضات ستبدأ على مسار آخر. فكان الإيرانيون قد أظهروا خلال السنوات القليلة الماضية إشارات على استعدادهم لعقد محادثات سرية مع الولايات المتحدة، وأشارت العديد من المصادر الإيرانية إلى أن ذلك ربما يكون ممكنا. لكن الوقت قصير، وضغوط العام الانتخابي ستجعل المساومة الحقيقية صعبة.

هناك ضغوط على إيران للتوصل إلى اتفاق، فقد قوضت العقوبات عملتها وأسواقها المالية وتعاملاتها التجارية وسوف تحد الجولة الجديدة من العقوبات التي ستطبق هذا الأسبوع من صادراتها النفطية. وقد سعى المتشددون في البرلمان الإيراني إلى اتخاذ إجراءات مضادة لمعاقبة الولايات المتحدة وحلفائها، أو انسحاب إيران من معاهدة منع الانتشار النووي ووقف التعاون مع المفتشين. لكن هذه الإجراءات يمكن أن تتسبب في عمل عسكري أميركي.

من بين النقاط الأخرى التي استوقفتني، تحذير بأن إيران ربما تحتاج إلى المزيد من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة أكثر من المتوقع بسبب خططها «لإنشاء أربعة مفاعلات أبحاث» وتصدير اليورانيوم المخصب إلى دول أخرى. ربما تكون تلك ورقة تفاوضية أو إشارة إلى أن المفاوضات تتوجه حقا نحو طريق مسدود. ربما يحمل الإيرانيون مساومة في عقولهم، لكن من الصعب رؤية ذلك في ملفهم الذي قدموه.

* خدمة «واشنطن بوست»