هل انشقاق طلاس غير مهم؟

TT

سارع أحد المسؤولين المحسوبين على طاغية دمشق للقول بأن انشقاق العميد مناف طلاس لا معنى له، وإنه إذا كانت المخابرات الأسدية تريد اعتقاله لفعلت، فهل يمكن تصديق مثل هذا الكلام؟ وهل يمكن أن يكون انشقاق طلاس غير مهم لنظام الأسد الذي يعتقل، ويقتل، حتى الأطفال المنتقدين له، ناهيك عن أن مناف هو صديق طفولة الأسد؟ الإجابة البسيطة هي: هراء!

فانشقاق مناف طلاس يعد بمثابة زلزال، وضربة، في قلب النظام. فالأنظمة القمعية، مثل الأسد، لا تقبل المساس بهيبتها المصطنعة بالحديد والنار، فكيف يكون انشقاق صديق طفولة الأسد غير ذي معنى؟ ليس هذا فحسب، بل إن العميد المنشق هو ابن وزير الدفاع الأسبق العماد مصطفى طلاس، صديق حافظ الأسد، ورفيق دربه، الذي لم ينشق عن الأب يوم ارتكب مجزرة حماه، رغم أنه من الطائفة السنية، وقائد عسكري مثل ابنه اليوم، وعرف الأسد الأب من قبل الانقلاب الذي جاء بحكم عائلة الأسد! ولذا فإن انشقاق مناف يعد مهماً، وضربة مؤلمة لطاغية دمشق، فمناف انشق اليوم، عكس والده كما أسلفنا، مما يعني أنه، أي مناف، قد أدرك أنه لا أمل في سفينة الأسد، وأنها غارقة لا محالة.

كما أن انشقاق مناف طلاس، صديق طفولة طاغية دمشق، يعني أن خزينة مهمة من الأسرار باتت متاحة اليوم للغرب عن بشار الأسد، ودوائره المقربة، وتركيبة نظامه الحالية، وحقيقة ما يدور في دوائر النظام الآن، وكيف تفكر وتدير عملها الإجرامي في قمع الثورة السورية السلمية، منذ 17 شهرا، حتى اضطُّر السوريون لحمل السلاح دفاعا عن أرواحهم، وأعراضهم. هذا عدا عن معلومات أخرى حول السنوات الماضية لحكم الأسد، سواء في سوريا، أو لبنان، أو العراق، وغيرها من معلومات مهمة جدا. وانشقاق طلاس يعني أيضا أن التحالف السني مع الأسد قد أصيب في مقتل، فخروج مناف يعد مؤشرا مهماً على أن الدوائر السنية المستفيدة من التحالف مع الأسد لم تعد قادرة على تبرير جرائمه في حق السوريين أكثر مما مضى.

والقصة لا تقف هنا بالطبع، فانشقاق مناف طلاس، وهو القائد في الحرس الجمهوري، وتحت قيادة ماهر الأسد، يعني أن دائرة الانشقاقات قد اتسعت، وبلغت حتى القوات الموثوقة بالنسبة لعائلة الأسد، مما يعني تصدع وحدة النظام الصلبة، مثلما أن انشقاق مناف يعني أن سيطرة الأسد على سوريا لم تعد حقيقية. وكما أشارت عدة مصادر، وكما ذكرنا سابقا هنا، فخروج مناف طلاس، وبرفقة موكب ليس بالصغير، يعني أن النظام الأسدي بات فاقدا للسيطرة على كل سوريا، والأهم أنه فاقد للسيطرة حتى على من يشك فيهم من القيادات العسكرية، وهذا يعني تلقائيا أن نظام الأسد البوليسي لم يعد قادرا على ضبط من هم ضده، ومن هم معه، حتى في أقرب الدوائر المقربة للأسد شخصيا.

ولذا فإن القول بأن انشقاق مناف طلاس عن نظام الأسد ليس بالمهم، كما يردد النظام الأسدي، ما هو إلا هراء، ومحاولة لامتصاص الصدمة الزلزال، التي من الواضح أنها ستليها صدمات أخرى قاتلة.

[email protected]