أنان هو الفاشل!

TT

طوال فترة مهمة المندوب العربي والأممي السيد كوفي أنان في سوريا ونحن - ومثلنا آخرون - نقول إن مهمته فاشلة، وحماية لأرواح السوريين على السيد أنان إعلان فشل مهمته. وكتبت هنا مرارا بأنه ليس أنان الفاشل، بل إن خطته هي التي فشلت، والسبب طاغية دمشق بشار الأسد.

لكن اليوم، وبعد مضي ثلاثة أشهر على مهمة أنان، وبلوغ عدد القتلى في سوريا على يد النظام الأسدي 17 ألف قتيل، وجب أن نقول إنه ليست مهمة أنان الفاشلة فقط، بل إنه هو شخصيا يعتبر فاشلا، حيث قام بإعطاء الأسد الفرصة تلو الأخرى، ولم يقل منذ وقت مبكر إن الأسد غير صادق، ولا ينوي أن ينجح أي مبادرة، وهذه أمر واضح، ومنذ اندلاع الثورة السورية، قبل 17 شهرا، حيث كان أنان في سوريا مثله مثل الفريق الدابي. لكن الفارق بين الدابي وأنان هو أن الأول كان يريد إرضاء الأسد، بينما كان أنان يريد إرضاء غروره السياسي، والدبلوماسي!

أنان لم يكلف نفسه حتى عناء الحديث للرأي العام السوري، أو العربي، بل إنه لا يتحدث إلا لوسائل الإعلام الغربية، وآخرها الـ«لوموند» الفرنسية، علما بأن القتلى هم من السوريين، والأزمة في سوريا، والأطراف الفاعلة هي العالم العربي، وضمير الأزمة السورية الحقيقي والصادق هو الرأي العام العربي. لكن السيد أنان لم يكلف نفسه عناء التوجه للرأي العام السوري، أو العربي، طوال الأشهر الثلاثة الماضية. وكان محقا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد وهو يقول في مؤتمر أصدقاء سوريا بباريس الأخير إن عدم حضور أنان لذلك الاجتماع وبقاءه في جنيف يعد أمرا معيبا. فأنان لم يكلف نفسه مجرد حضور مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس على الرغم من حضور قرابة مائة دولة عربية وغربية، وإنما يطالب بإشراك إيران في الأزمة السورية لأنها طرف فاعل! وهذا بحد ذاته يعد ليونة سياسية، ولا أجد تعبيرا ألطف من ذلك.

فإشكالية بعض الساسة، وتحديدا الدبلوماسيين، أنهم يريدون الوصول إلى أي نتيجة للقول إنهم قد أوجدوا حلولا، ولو كان الحل إبقاء طاغية دمشق، ومكافأة إيران بمنحها شرعية في سوريا، مثلما منحتها واشنطن الشرعية في العراق، وهذا أمر مرفوض سوريًّا، ويجب أن يرفض عربيا أيضا، وبشكل علني، وواضح، وبدون أي مساومة.

والمؤسف، والمستفز، أن السيد أنان دائما ما يقول متسائلا: ما هو البديل لمهمته في سوريا؟ وهذا حديث العاجز، فالبديل عن مهمته هو وضع روسيا والصين أمام الاستحقاق الذي نعيه كلنا وهو أن الأسد يلعب، ولا بد من العودة إلى مجلس الأمن، وأن عليهم أن يكفوا عن دعم طاغية دمشق، والإعلان عن فشل المهمة منذ وقت طويل يعني أيضا أن أنان قد وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لوقف آلة القتل الأسدية، بدلا من منح الأسد الفرصة تلو الأخرى لقتل السوريين العزل.

لذا، نقول اليوم إنه ليست مهمة أنان الفاشلة وحسب، بل إن السيد أنان نفسه كان فاشلا في سوريا، خصوصا عندما منح الأسد الفرصة تلو الأخرى، ويريد منح إيران شرعية لا تستحقها في سوريا.

[email protected]