أنان يهاجم الخليجيين ويدافع عن الروس!

TT

منذ تسميته مبعوثا دوليا ظننت أنني تعجلت بالتحذير منه. زعمت حينها أن كوفي أنان شخصية جيء بها لإطالة أمد النظام. قلت إنها فصل هزلي آخر في مسرحية الجامعة العربية والأمم المتحدة. كوفي أنان كان أمينا عاما للأمم المتحدة وخرج منها بفضيحة اتهام ابنه في قضية المتاجرة بعقود النفط مقابل الغذاء في زمن العقوبات الاقتصادية على نظام عراق صدام. وبعد أشهر ثلاثة من الفشل، والمزيد من الدم، اتضح أن أنان بالفعل دمية جيء بها لصالح المجموعة التي تريد شق الصف الدولي، وإنقاذ نظام الأسد بإطفاء الثورة السورية.

الآن، طفح الكيل من هذا المندوب حتى خرج وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد عن هدوئه وانتقد أنان على الملأ قائلا: إنه أمر معيب أن المكلف بمهمة المبعوث الأممي في سوريا، لا يحضر مؤتمرا عن سوريا فيه نحو نصف ممثلي حكومات العالم!

بعدها رد أنان على الشيخ عبد الله في حديث لصحيفة الـ«لوموند» كشف فيه بوضوح عن ميوله.. اتهم صراحة دول الخليج، ويعني السعودية والإمارات وقطر. قال «القليل يقال عن الدول الأخرى (يقصد الخليجية) التي ترسل السلاح والمال ولها وزن على الأرض»! يعني أنها من تسلح الثوار. طبعا، أنان يتجاهل أنه لم يطبق أهم بنود مبادرته، ولم يطلب معاقبة النظام السوري التي تقضي بوقف عملياته العسكرية وسحب آلياته من المدن، ثم يطلب من العالم ترك الناس يذبحون!

ويستغفل أنان العالم محتجا في مقابلته على التركيز في النقد على روسيا.. يقول: «التركيز على روسيا يزعج الروس كثيرا.. ما يفاجئني أن الكثير من التعليقات تركز على روسيا، فيما تذكر إيران بدرجة أقل»! إن تخصيص روسيا بالنقد فلأنها عضو دائم في مجلس الأمن، أما إيران فلا قيمة لها في مسار القرارات الدولية. ولولا روسيا - لأن الصين لن تعارض - لكان التدخل الدولي حتميا منذ الصيف الماضي لوقف الإبادة من قبل قوات النظام. بسبب روسيا، وليس إيران، المأساة مستمرة في سوريا حيث قتل آلاف الأبرياء ويشرد الآن مليون ونصف المليون إنسان سوري.

ثم يطالب أنان بإدخال إيران إلى طاولة التفاوض حول مستقبل سوريا، هذا مقبول لو كان الهدف إقناع نظام الأسد بإجراء إصلاحات، لكننا تجاوزنا هذه المرحلة وبات الحل الوحيد التوجه نحو حل سلمي ينهي النظام الحالي بأقل قدر من الضرر، وهذا أمر لن تلعب فيه إيران دورا إيجابيا. وربما يكون لها دور مستقبلي إن أثبتت حسن تصرفها لاحقا بالتعاون مع النظام البديل.

ثم يتبنى أنان موقف روسيا في مساندتها رفض التدخل لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الأسد، حيث يقول إنه تم خداع روسيا والصين في ليبيا بتبني مبدأ «مسؤولية الحماية» للمدنيين وتحول إلى عملية لتغيير نظام القذافي. وتناسى أنان الظروف المحيطة بالقرار الدولي، فقوات القذافي كانت فعلا تقوم حينها بعمليات تشابه ما تفعله قوات الأسد اليوم، من قتل وتدمير وتشريد لمئات الآلاف من الناس. وبالتالي لم يكن القذافي جالسا في بلد آمن، بل كانت ليبيا في حمام دم لا بد من إيقافه حماية للمدنيين، ولولا قرار مجلس الأمن تلك الليلة لكانت قوات القذافي قد دمرت مدينة بنغازي المحاصرة.. هذه حقيقة وليست حيلة.

إن التدخل الدولي في سوريا بات ضرورة لحماية الشعب السوري، وضرورة لحماية المنطقة، واستباقا لوقف تفكيك تلك المنطقة إلى دويلات، ومنعا لظهور جماعات إرهابية في فراغ انهيار نظام الأسد.

[email protected]