د. مرسي في جدة ومكة

TT

حينما تقرأ هذه السطور سيكون الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي قد تناول طعام العشاء على مائدة خادم الحرمين الشريفين في جدة، وقام بزيارة مكة المكرمة، ثم التقى ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز.

بذلك تكون أول زيارة لأول رئيس مصري مدني منتخب خارج البلاد قد تمت إلى المملكة العربية السعودية، تعبيرا من القاهرة، ومن نظام الحكم الجديد، عن أهمية العلاقات وأولويتها مع الرياض.

وحتى تستطيع هذه الزيارة أن تتجاوز الطابع البروتوكولي وتنتقل من حالة الترحيب والمجاملة وإظهار مشاعر الود الحقيقية بين البلدين والشعبين؛ يمكن للمراقب المتخصص في هذا الملف الهام أن يحدد مجموعة من المبادئ الحاكمة التي يمكن أن ترسم عناصر النجاح الممكنة في العلاقات إذا تم الالتزام بها:

أولا: بعث الثقة في العلاقة الشخصية بين نظام الحكم الجديد في مصر مع القيادة السعودية.

ثانيا: أهم عناصر الثقة في العلاقة الشخصية هي «المصداقية» في الوعود، بمعنى لا تعد القيادة السعودية إلا بما تستطيع الوفاء به، ولا مشكلة أن تقول لهم بصراحة وشفافية: هذا ما أستطيع إنجازه معكم الآن، وهذا ما لا أستطيع.

ولعل الدرس التاريخي الذي يمكن تعلمه من الوعود الكاذبة التي وعد بها الدكتور بشار الأسد للقيادة السعودية أنها أدت إلى وصول العلاقة بين الرياض ودمشق إلى حافة الهاوية الحالية.

ثالثا: لا بد دائما الوضع في الاعتبار أن العلاقة بين القاهرة والرياض هي نوع من العلاقات الفريدة التي تجمع بين قوة الترابط العاطفي وقوة المصالح المشتركة.

هناك دول مثل الهند تربطها بمصر الآن علاقات تقوم على العواطف والتاريخ أكثر من المصالح.

وهناك علاقات لمصر مع الولايات المتحدة تقوم على المصالح لكنها خالية من المشاعر الإيجابية بسبب الموقف الأميركي الداعم تماما لإسرائيل.

أما في الحالة المصرية - السعودية، فإن روابط التاريخ والجغرافيا وعشق المصريين للأماكن المقدسة، ثم حركة المصالح التي جعلت مليونا وسبعمائة ألف مصري يعملون في المملكة وسبعمائة ألف سعودي يقيمون بشكل دائم في مصر، جعلتها حالة فريدة في الجمع بين روابط العاطفة والمصلحة المادية معا.

أما ملف الرؤية المشتركة ذات التنسيق الأمني بين القاهرة والرياض فهو مسألة جوهرية في رسم الرؤية المشتركة لملفات مثل أمن الخليج والموقف من إيران، والعالم العربي فيما بعد ثورات الربيع العربي.

إن نجاح الدكتور محمد مرسي في وضع قواعد واضحة وصريحة وشفافة في زيارته للسعودية هو مسألة بالغة الأهمية في إنجاح هذه العلاقة الاستراتيجية. لذلك ندعو للدكتور مرسي بعمرة مقبولة، وزيارة تأسيسية شفافة وصريحة وناجحة.