ولا يزال الاستهزاء مستمرا

TT

لن تكون المجزرة التي أقدم عليها نظام بشار الأسد في ريف حماه، وقتل ما يزيد على 250 من سكان المنطقة بأبشع الوسائل والطرق الممكنة.. لن تكون الأخيرة. فالنظام الأسدي مدرك أن لديه رخصة للقتل من الروس والصين، وأن الغرب مشغول بالاقتصاد المتهالك والانتخابات القادمة، وإسرائيل «الجار» ترى أن بديل الأسد غير مطمئن وأنها لن تهنأ بحدود آمنة ومناخ مستقر مثل الذي عرفته مع حقبة الأسد؛ ولذلك فهي تسعى لإطالة عمره بكل الطرق الممكنة.

التدخل الخارجي الذي كان يحذر منه نظام الأسد المجتمع الدولي؛ حدث بالفعل! فها هي أرتال من جنود إيرانيين ولبنانيين منتسبين لحزب الله وقوات عسكرية عراقية متعاطفة مع الأسد، كلهم دخلوا الأراضي السورية ويقاتلون مع قوى الأسد دفاعا عن النظام، هذا مع عدم إغفال العتاد العسكري «المهول» المقدم من قبل روسيا للنظام، والدعم «الفني» من عشرات المختصين الموجودين على الأرض في سوريا؛ للإعانة الاستخباراتية والعسكرية.

العلاج بالصدمات المهولة إحدى وسائل النظام للحفاظ على نفسه، فبعد كل مجزرة يصاب العالم والسوريون بحالة مستحقة من الذهول جراء الصدمة الحاصلة وحجم الضحايا وأسلوب القتل الذي يزداد شناعة ودموية كل مرة، وكذلك يزداد عدد الضحايا فيكسب هذا الأمر النظام «وقتا» ويربك العالم أكثر في كيفية التعامل مع هذا النظام الذي يزداد دموية ووحشية.

ولكن الجانب الآخر الذي يغفله نظام الأسد هو أنه أيضا بعد كل مجزرة يزداد عدد الانشقاقات في الجيش السوري، ويزداد التعاطف مع الجيش الحر، ويزداد التبرع الإغاثي لكل ضحايا النظام في الداخل والخارج؛ بما يزيد أيضا من حماس ومعنويات الثوار لمواصلة المشوار حتى النهاية. الثورة السورية هي الأطول والأنبل في الثورات العربية، ولم يكن بشار الأسد يكذب في حديثه الصحافي الأخير عندما أوضح أنه غير القذافي وغير مبارك وأنهما استحقا المصير الذي لقياه، هو محق في ذلك؛ فالجرم الذي أقدم عليه بشار الأسد، ولا يزال، مختلف فعلا عن مبارك والقذافي، ومن يعينه على جرائمه لم يكن متوفرا للقذافي ولا لمبارك، وبالتالي حتما ستكون نهايته «تليق» بما يقوم به من مظالم ومجازر وهوائل.

المؤامرة الدولية التي يتغنى بشار الأسد ليلا ونهارا بأنها انعقدت لإزالة حكمه ونظامه، موجودة. ولكنها - مع شديد الأسف - يبدو أنها موجودة ومنعقدة على الشعب السوري، ومنح الأسد ومن معه من العملاء والزبانية رخصة قتل مفتوحة الصلاحية والحدود لإبادة شعبه. ولكن الأسد على موعد مع سوء خاتمة وسيلحق بهولاكو وهتلر وبول بوت وصدام حسين والقذافي وشارون ومن هم على شاكلته؛ ووقتها لن يكون هناك موضع على الأرض يكفي للساجدين الشاكرين لنعمة الله بخلاصهم منه ومن شره. إن غدا لناظره لقريب. استهزاء نظام الأسد مستمر ولكن لم يبق إلا القليل.

[email protected]