كلينتون «زيارة خطرة لمصر؟»

TT

زيارة السيدة هيلاري كلينتون لمصر لن تكون زيارة سهلة، بل يتوقع أن تتم في جو سياسي عاصف لم يسبق أن قابله مسؤول أميركي في العقود السابقة.

مبعث توتر الزيارة هي أنها تأتي في وقت ملتهب داخليا وصل فيه حد الاستقطاب الداخلي بين القوى السياسية إلى مداه.

ها هي الإدارة الأميركية ترسل وزيرة خارجيتها لزيارة العاصمة المصرية عند مفترق طرق تاريخي للرهان السياسي الأميركي.

إنه زمن تحول الإدارة الأميركية من الرهان على العسكر في حكم مصر منذ انقلاب 1952 إلى الرهان على حكم تيار جماعة الإخوان.

هذا الاختيار الجديد له تأثيراته على الحليف القديم (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) كقوى تغرب شمسها، وقوى «الإخوان» التي يشرق قمرها! وما بين الشروق والغروب لقوى صاعدة وقوى ذاهبة تأتي السيدة كلينتون في زمن دقيق للغاية في الصراع ما بين الطرفين.

تأتي كلينتون إلى مصر وهناك صراع دستوري وقانوني وشعبي وإعلامي يكاد يتحول إلى صراع حركي دموي.

تأتي كلينتون ونصف أصوات الناخبين كانت ضد مرشح «الإخوان» المدعوم من الإدارة الأميركية.

تأتي كلينتون وهناك مشاعر تكاد تصل إلى اليقين لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنها تهدف في تلك الرحلة إلى دعم الحليف الجديد ومباركة رغبة جماعة الإخوان في الدفع بقرار جمهوري جديد بإحالة جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى المعاش وتولية قيادات إخوانية في مناصب رئاسات المخابرات العامة وأمن الدولة ووزارات العدل والخارجية والداخلية والدفاع.

هذه الضربة السياسية القاضية إذا ما تمت بمباركة أميركية فهي تفتح الباب في مصر على مصراعيه على احتمالات ثلاثة:

إما حكم طويل طويل ومستقر للإخوان، أو قيام انقلاب عسكري في غضون أيام، أو وصول البلاد إلى حالة من الفوضى الدائمة.

ولا يمكن تفسير تصريحات البيت الأبيض والخارجية الأميركية الأخيرة حول صراع القوى ومحاولات إدارة السلطة بين الرئيس الجديد المنتخب صاحب الشرعية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة صاحب القرارات الدستورية، إلا أنها تميل إلى المرشح الإخواني، مما يجعل المؤسسة العسكرية ككل، وليس قياداتها العليا فحسب، في حالة قلق واستنفار كامل وشك في النوايا الأميركية.

ذلك كله يجعل جنرالات مصر يتعجبون من إجراءات الطمأنة التي تلقوها منذ أسبوعين فقط من نظرائهم في البنتاغون ويقارنونها بسياسات التوتر التي تديرها الخارجية الأميركية.

من يصدقون: جنرالات البنتاغون أم سيدة الخارجية الأميركية؟