ضربة موجعة للنظام السوري

TT

الانفجار المفاجئ في مبنى الأمن القومي بدمشق هو أكبر زلزال لعملية نوعية ضد الجسم الصلب في نظام الدكتور بشار الأسد.

هذه العملية التي أودت بحياة وزير الدفاع، العماد داود راجحة، وآخرين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومنهم آصف شوكت، هي انتقال حركة الثورة الشعبية من الشوارع إلى قصور الحكم، وتحول نشاط الجيش السوري الحر المعارض إلى الحلقة الضيقة القريبة من أركان النظام. والمتابع الدقيق للملف السوري من الممكن أن يستقرئ من هذه العملية النتائج التالية:

أولا: اختيار المكان: وهذا في حد ذاته ضربة موجعة لأمن وهيبة النظام، فتفجير هذا المبنى الموجود في منطقة الروضة بدمشق والقريب من أحد منازل الرئيس السوري، والمحاط دائما بإجراءات أمنية فوق العادة، يعني أن أي هدف مهما استعصى الوصول إليه هو قابل للتفجير.

ثانيا: الأهداف البشرية: الأهم من اغتيال وزير الدفاع هو اغتيال العماد آصف شوكت، زوج «بشرى» شقيقة الرئيس بشار وأحد أركان النظام المقربين داخل عائلة الأسد، وداخل مركز صناعة القرار، وكان يشغل منصب نائب وزير الدفاع. وباغتيال آصف أحد كبار المخططين والمنفذين لأعمال المجازر ضد المعارضين تصبح الصفعة شديدة على وجه النظام، وتصبح الرسالة شديدة الوضوح «أنت ونظامك في خطر». ويعتبر آصف ممن يطلق عليهم «القادة الأمراء» في الجيش العربي السوري، الذين يحصلون على رتب العميد واللواء والعماد والعماد أول، وهؤلاء يتم اختيارهم بالاسم ويتم تعيينهم من القائد الأعلى «الرئيس». أما العماد داود راجحة، الذي شغل منصب وزير الدفاع، فهو حصل على هذه الرتبة تقديرا لولائه للنظام، ويذكر أن رتبة عماد أول لم يحصل عليها قبل ذلك سوى العماد أول طلاس والعماد أول حكمت الشهابي.

ثالثا: هذه العملية سوف تتبع بعمليات أخرى أكثر جرأة للجيش السوري الحر الذي يبلغ نحو 70 ألف ضابط وصف ومجند ومتطوعين مسلحين. وحتى الآن لا أحد يعرف بالضبط هل التفجير الذي تم كان انتحاريا أم بوضع قنبلة، والسؤال الأهم هل هو من عمل الجيش السوري الحر؟ أم من أحد فصائل التيارات الجهادية من حمص كما أشيع وتردد؟ أم أنه أحد ضباط الحراسة المقربين من الدائرة المقربة للنظام؟ ولعل القوى الأساسية التي يستند إليها النظام هي فرقة الحرس الجمهوري التي تتكون من فوج مدفعية ولواء محمول و3 ألوية مدرعة، ويرأسها العميد ماهر الأسد، شقيق الرئيس بشار وموضع ثقته الأول في مسألة أمن النظام. هذه الضربة الموجعة دفعت لافروف لأن يصرح من موسكو بـ«أن» هناك معركة حقيقية وكبرى الآن تدور في دمشق.

وقد تدفع بشار، لأول مرة، منذ بدء الأحداث إلى طرح السؤال العظيم الذي ظل يتجنبه طوال الفترة الماضية: هل يمكن لهذا النظام أن يفرض نفسه بالقوة المسلحة وبتكلفة لا نهائية أم أن الأفضل هو ترتيب الرحيل؟