حان موعد الدفن

TT

العملية العسكرية النوعية الاستثنائية الكبرى التي حصلت ضد رموز نظام بشار الأسد الكبار، وتسببت في مقتل وزير الدفاع ونائبه صهر بشار الأسد آصف شوكت، وإصابة العديد من الآخرين النافذين، تؤكد أن نظام بشار الأسد مخترق تماما وفي صميم منظومته الأمنية التي كانت تعرف بأنها عاتية ولا تقهر. انتقال معركة الثورة السورية إلى قلب العاصمة دمشق وانطلاق عملية تحرير العاصمة حتى سقوط النظام - وذلك بحسب ما أعلنه الجيش الحر - يؤكدان أن النظام في حالة حشرجة أخيرة خصوصا مع ما يصاحب هذا المشهد من انشقاقات مهولة في صفوف النظام، من العسكر والمدنيين.

حتى روسيا، الشبيح الأول لنظام بشار الأسد والمدافع الأول عن جرائمه وسياساته بلا منطق وبلا عقل، باتت الآن تمهد بتعليقاتها وتصريحاتها التي تلت أحداث دمشق إلى أن سوريا منتقلة إلى مرحلة المعركة الكبرى.

نظام بشار الأسد هو الأغبى والأشد حماقة. تعامل مع كل شيء بمنطق واحد لا غيره، منطق «التشبيح» والقبضايات والفتوة، وكانت أنهار الدماء التي سالت وأرتال الجثث التي سقطت، مع إنكار تام لأصل المشكلة وأهمية مواجهتها، وهي مشكلة حقوق وحريات ومطالب بإزالة مظاهر الذل والمهانة والطغيان لنظام استبدادي استشرس ولدا عن أب وجيلا وراء جيل.

لم يفهم بشار الأسد مطالب شعبه، واعتقد بقناعة أن الشعب اختاره. كذب النظام الكذبة وصدقها بنفسه. وطّن نفسه أنه مصلح وأنه جيل جديد مؤمن بالحريات، ليعيش الشعب السوري تجربة طويلة من الانكسار ومن المهانة، حتى انفجر لأقل الأسباب. لم يقرأ جيدا بشار الأسد ما يدور حوله من أحداث تعصف بالمنطقة، ولم يفهم أن «نغمة» العروبة والمقاومة والاسطوانات المشروخة التي كان يروج لها نظام «البعث» الفاشي ما هي في الواقع إلا أدوات قمع وقتل واستغلال وتسلط وسرقة، ولم يفهم أن كل الشواهد كانت تقول إن النظام انتهى سواء بمن انشق عنه أو بمن كفر بمبادئ سياسة الحزب والنظام أو بمن «انتحر» أو بمن قتل.

الضربة الأخيرة التي وجهت للنظام السوري هي ضربة من النظام للنظام، هي اختراق وانشقاق، هي اقتتال بين أطراف حكمه وأعمدة نظامه، هي زلزال عنيف كسر حواجز الطمأنينة والثقة والأمان الذي كان يوهم النظام بأنه رمز الأمان ورمز الاستقرار ورمز الضمان لوحدة وطنية وخارطة جغرافية متماسكة. نظام بشار الأسد انتهى لأنه كان يجب أن ينتهي، فالأخلاق والدين والأدب والأصول والصحيح، جميعها تؤكد أن هذا النظام لا مكان له في عالم لديه الحدود الدنيا من الاحترام والإنسانية والأخلاق والمعايير البشرية.

هذا النظام لم يولّد إلا دماء وانتقاصا لحقوق شعبه وآدميته، وليت الأمر اقتصر على ذلك، لكنه كان وبالا على جيرانه، وعلى أكثر من دولة عربية بالتدخل الفج والصريح في شؤونها وإحداث العديد من نماذج الفوضى والعبث في شؤونها الداخلية. كل ذلك وأكثر كان مؤشرا على أن النظام تجب إزالته ويجب الخلاص منه، فهو لم يكن سوى عنصر تمزيق وتفريق وتهديد، وأدى هذا الدور بامتياز خادعا الملايين من الموهومين بقناع المقاومة والقومية.

بقيت سويعات ويتم دفن هذا النظام للأبد، ويومها ستنهض سوريا الحقيقية من سباتها الاضطراري. ولا عزاء للموهومين.

[email protected]