سوريا في العلاقات التركية الروسية

TT

اتجه رئيس الوزراء التركي إلى موسكو أول من أمس، حاملا معه ملفين. الأول والأضخم يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين. أما الآخر فمتعلق بالشأن السوري. افترض العديد من الصحافيين أن تباين الآراء إزاء الشأن السوري سوف يتحول إلى نوع من النزاع، وأن القائدين سوف يتحدثان عن بشار الأسد.

تجذب أنقرة الانتباه إلى حقيقة أن العلاقات مع الروس تتحول تدريجيا من «علاقات مع جيران مخلصين جدا» إلى «علاقات مع شركاء». بالتبعية، تشكل القضايا الثنائية أهمية بالغة. يقول مسؤول رفيع المستوى: «تحتل سوريا جزءا صغيرا جدا من العلاقات التركية الروسية».في واقع الأمر، سوف يحاول أردوغان إقناع بوتين بشأن سوريا. وعلى الرغم من ذلك، فإن الروس، في هذه المرحلة، ليسوا مؤيدين للإطاحة بالأسد. فضلا عن ذلك، فإنهم على وعي بأن الموقف يزداد تدهورا. وعلى الرغم من ذلك فإنهم سوف ينتظرون لفترة. فبالنسبة لهم، لا تعتبر سوريا دولة يمكنهم فجأة أن يديروا ظهرهم لها، أو يتركوا مصيرها لما يأتي على لسان الولايات المتحدة. إنهم لا يرغبون في خسارة مكانتهم كقوة عظمى.

بالنظر إلى الزيارة من تلك الزاوية، يتضح أنها ستكون أكثر نفعا للعلاقات الثنائية بين البلدين.

ولا يزال من غير المعلوم سبب سقوط الطائرة التي تحطمت في سوريا. تحدث «المسؤولون» كافة، بمن فيهم الأركان العامة، كثيرا جدا إلى حد أن ذهن عامة الشعب بات في حالة من التشتت الشديد. أضف إلى هذا الولع الاجتماعي بـ«وضع نظريات مؤامرة»، لتخرج الأمور بعد ذلك عن نطاق السيطرة. وقد اكتسحت هذه الموجة من التشكيك شتى أنحاء البلاد إلى حد أن لسان حال البعض كان يقول «أعتقد أننا قد أسقطنا طائرتنا ونلقي باللوم الآن على سوريا».

أصدرت أنقرة تصريحات غير مجدية على الإطلاق بهدف الإثارة. ومع ذلك فإنك عندما تتحدث إلى أشخاص راقبوا الحادثة عن كثب، تصل إلى مشهد مختلف.. دعوني أشرككم انطباعاتي نقطة بنقطة:

لا تمتلك أي دولة أجنبية أخرى معلومات بدرجة دقة معلوماتنا. ولا تملك الولايات المتحدة أو روسيا أو إسرائيل أي أدلة مادية. ولدى القوات الجوية التركية تسجيلات للطائرة في كل ثانية. وقد توصلت دول أخرى إلى نتيجة بعد تحليل ما رأته في راداراتها. لا تختلف السيناريوهات التي توصلوا إليها عن تلك التي توصلت إليها القوات الجوية التركية. بعبارة أخرى، لا يجوز توجيه اهتمام للتصريحات المعتمدة على الخارج المحملة بمعان.

وقد قضت البيانات التي تم جمعها حتى الآن والمحادثات التي جرت بين الطيارين والمواقع الرئيسية وبيانات الرادار والأجزاء الخارجية من الطائرة على الاحتمالين التاليين:

- كانت هناك أسفل الطائرة قذيفة موجهة.

- تم قصفها من قبل مدفعية مضادة للطائرات.

أثناء رحلة الطيران، كانت الظروف المناخية جيدة جدا. على سبيل المثال، لم تكن هناك اضطرابات. وإن حدوث مشكلات فنية تسببت في سقوط الطائرة أمر غير وارد. الافتراض الوحيد المتبقي هو أنها تعرضت لقصف من قبل قذيفة موجهة بالحرارة. وبهدف الوصول إلى نتيجة محددة، يجب إخراج الحطام بأكملها على السطح، وسوف يتم ذلك بنهاية أغسطس (آب).

في حقيقة الأمر، ليس من المهم معرفة كيف سقطت الطائرة، لأن الحادثة قد وقعت بالفعل وأصبحت أمرا واقعا. لن تتغير سياسة تركيا، بصرف النظر عما إذا كان سقوط الطائرة قد حدث نتيجة توجيه قذيفة أو نيران مضادة للطائرات. يتم السعي لإيجاد إجابة عن ذلك السؤال لإرضاء عامة الناس، وبالطبع أيضا لمنع نظريات المؤامرة.

تأكد من أننا قد دخلنا في جدال عقيم لمدة 25 يوما. وإذا ما كان المسؤولون في أنقرة، بمن فيهم الأركان العامة، قد شكلوا قنوات اتصال أفضل ولم يدلوا بتلك التصريحات غير اللازمة والتي تعتبر في غير أوانها، لم يكن عامة الشعب ليغرقوا في حالة من الحيرة والشك إلى هذا الحد.

أيا كان الأمر، فإن الحادث أصبح الآن أمرا واقعا. وسوف تظهر الحقيقة مع نهاية شهر أغسطس.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية