أيهما إياد علاوي؟

TT

صورتان مختلفتان ظهر بهما الدكتور إياد علاوي في أقل من يومين، فقد كان هنالك تصريحان متناقضان لزعيم القائمة العراقية؛ التصريح الأول، وهو الأشهر، أنه لم يسمع بوجود أزمة سياسية في العراق، لأن هناك حكومة شراكة وطنية، مؤكدا في الوقت ذاته وجود أزمة في الكهرباء والوظائف فقط، متناسيا أنه منذ نهاية عام 2011 وحتى قبل يوم واحد فقط يؤكد أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة جدا، كان هذا يوم 22 يوليو (تموز). وفي التصريح الثاني لإحدى الصحف العربية أعرب عن إحباطه من انسداد أفق الحل السياسي للأزمة التي يعيشها العراق. وعزا أسباب هذا الانسداد السياسي إلى تخلي شركائه في العملية السياسية عن تنفيذ التعهدات التي وردت بالاتفاقات المبرمة معهم وإلى التدخل الإقليمي والدولي في الشأن العراقي إلى حد استحالة تحقيق الحل إلا من خلال تفاهم الأطراف الخارجية المؤثرة في الساحة العراقية وفق الطريقة اللبنانية. ووصف ورقة الإصلاح السياسي التي أعدها التحالف الوطني بأنها للتسويف والمماطلة ومحاولة لإنقاذ المالكي من عملية الاستجواب والمساءلة، وأكد أن البنود التي تضمنتها ورقة الإصلاح تحتاج إلى 70 عاما لمناقشتها.

والسؤال هنا: أيهما إياد علاوي؟ وقبل هذا وذاك، ماذا يمثل علاوي الآن في الساحة السياسية العراقية؟ للإجابة عن هذين السؤالين، علينا أن نحلل تصريح علاوي من أنه لا أزمة سياسية في العراق، لأنه الأقرب من حيث تاريخه والأصدق لأنه كان كلاما مسموعا من قبله مباشرة وأمام عدد من الصحافيين والجمهور، وليس حديثا صحافيا مضت عليه بضعة أيام قبل أن ينشر.

الأزمة التي يريد أن يعبر عنها علاوي تكمن في أن شركاء علاوي في القائمة العراقية (المطلك – النجيفي – العيساوي) لا يجدون هنالك أزمة شراكة لأنهم أخذوا ما يريدون أخذه وبقي علاوي ينتظر ما يعطى له من دون أن يرى بوادر لذلك. وهذا ما دفعه لأن يعلن فعلا أنه لا أزمة في البلد سوى أزمة الكهرباء والوظائف العامة.

الجانب الآخر يتمثل في أن شركاء مشروع سحب الثقة انفرط عقدهم ولم يتبق سوى علاوي. فالتيار الصدري نأى بنفسه عن هذا المشروع وبارزاني أراد أن يمارس نوعا من الضغط لتحقيق مكاسب جديدة، سواء له شخصيا أو للأكراد بصورة عامة.

لهذا، نجد أن السيد علاوي أراد التعبير صراحة عن انزعاجه من قادة قائمته المهرولين صوب المناصب مهما كانت، بعضهم يصرح بشيء ويصوت بالضد منه، ومشروع توقيعات سحب الثقة ربما كشفت لعلاوي حقيقة التحالفات الهشة التي بناها داخل القائمة العراقية؛ تحالفات كانت أهدافها كثيرة جدا، لكن لم يكن من بينها أن يشكل علاوي حكومة برئاسته، واكتشف - ربما بشكل متأخر جدا - أن البعض استخدمه واجهة للوصول إلى ما يريده، وفض شراكته معه بطريقة سرية.

وهنا نجد أن السيد علاوي وجد أنه لا جدوى من استجواب المالكي ولن يكسب شيئا من هذا الاستجواب سوى هزيمة جديدة قد يتلقاها بمباركة شركائه في القائمة العراقية الذين التفوا حول المالكي بشكل أو بآخر، لشعورهم بأن سحب الثقة من رئيس الوزراء تؤدي في نهاية المطاف إلى انتخابات مبكرة لن يجدوا لهم فيها مكانا. لهذا؛ فإن علاوي يراهن على الانتخابات القادمة عام 2014، وهو بالتأكيد يبحث من الآن عن حلفاء جدد، مستندا في ذلك إلى أخطاء قادة «العراقية» الآخرين الذين سقط بعضهم أمام جمهوره، وبخاصة في الموصل والأنبار وديالى وكركوك وحتى في بغداد.

والسيد علاوي يعرف جيدا أن هنالك حالة تذمر تسود جمهور القائمة العراقية من أداء ممثليها سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية وهو ما سيدفعه - كما أشرنا – إلى البحث عن وجوه جديدة في الانتخابات القادمة.