الزواج والديمقراطية!

TT

ما هو الشيء المشترك الذي يجمع بين تجربة الزواج وتجربة الديمقراطية في عالمنا العربي؟

سؤال صريح ومباشر ليس فيه لف أو دوران أو إطالة مثل أسئلة فوازير رمضان التلفزيونية.

الإجابة باختصار أيضا أن كليهما مؤلم ومتعب وفيه كثير من المشاكل في المائة سنة الأولى وبعد ذلك كل شيء يصبح سهلا!!

بالطبع معنى الإجابة أن الزواج والديمقراطية العربية لا استقرار فيهما أبدا! ولعل أحد أسباب فشل الزواج هو «العناد الشخصي» وإعلاء حالة «الأنا العليا» داخل كل طرف بحيث تتحول شراكة الزواج إلى مباراة في العداء الشخصي يحاول فيها كل طرف إثبات أسلوبه وطريقته والدفاع عن مصالحه وحده دون مراعاة للطرف الآخر.

«العناد الشخصي» وشخصنة الصراع و«تضخم الذات» هي أيضا ذات الأسباب التي تؤدي إلى فشل تجارب الحكم في عالمنا العربي.

نادرا ما وجدنا حاكما في عالمنا العربي في حالة اختلاف موضوعي مع معارضيه، بل إن معظم الخلافات التي تصل إلى مراحل الاعتقال والصدام والتصفية الجسدية هي عائدة لأسباب شخصية.

لذلك كله شاهدنا الخلاف ذا الأصول القبلية أو العائلية أو المناطقية أو التاريخية أو المذهبية دون وجود عناصر للخلاف المذهبي! وحتى أشرح ذلك، نحن نجد قوى في عالمنا العربي تختلف بالدرجة الأولى، لأن هناك «ثقافة تاريخية» تقليدية للخلاف بين أهل تلك المنطقة وتلك، أو أبناء تلك القبيلة والقبيلة الأخرى، أو أنصار ذلك المذهب ومذهب آخر، كل ذلك يتم دون وجود أسباب أو محركات قوية أو موضوعية للخلاف الذي يصل إلى حد الخلاف.

وحينما تسأل أحدهم عن أسباب الصراع الحالي يرد عليك ببساطة: لقد تربينا منذ أن كنا أطفالا على أن هذه الطائفة كافرة أو أن هذه القبيلة غادرة، أو أن هذا النظام فاسد! وعندما تعود وتسأله وكيف ترى الحل المناسب للتعامل مع هذا الأمر؟ يرد عليك بمنتهى الهدوء: «بإسقاطه وتصفيته حتى آخر رجل وامرأة».

نتحدث عن الديمقراطية ونحن نؤمن بالإقصاء، وندعو إلى تداول السلطة ونحن نعمل من أجل أبدية الحكم، ونرفع شعارات العدالة والمساواة والحريات العامة، ونحن في حقيقة الأمر نكرس للظلم والتمييز وتكميم الأفواه!

ألم أقل لكم: الديمقراطية في بلادنا مثل الزواج مؤلمة جدا أول مائة سنة!