خلية للأزمة!

TT

من الأمور المثيرة للتأمل والسخرية في آن واحد، ذلك الانفجار الضخم الذي أدى إلى قتل وإصابة الكثير من القيادات الأمنية والعسكرية في النظام السوري منذ عدة أيام.

كان الانفجار في حي «الروضة» بدمشق أثناء اجتماع ما يعرف في سوريا بمجموعة «خلية الأزمة» وهي مجموعة أمنية من كافة الأجهزة تقوم بدراسة وتحليل واتخاذ القرارات اللازمة بحالة الأزمة القائمة بين الحكم والمعارضة.

إذا كان الأمر يتعلق بإدارة الأزمة، فإن علم إدارة الأزمات يقول إن المبدأ الأول في هذه العملية هو محاولة تجنب الأزمة من خلال استقراء أسبابها ومحاولة تفكيك عناصرها قبيل استفحالها وتحولها من احتمال قوي إلى واقع ملموس.

والأمر الثاني المثير للاهتمام أن إيجاد حلول للأزمات لا يبنى على الحلول الأمنية وحدها، بل يجب استخدام الورقة الأمنية والوصول بها إلى المواجهة العسكرية بالقوة المسلحة كورقة أخيرة وملاذ نهائي حينما تفشل كافة الأوراق والبدائل الأخرى.

الأمر الثالث أن أخطر ما في عملية إدارة الأزمة هو أن يفلت من القائمين عليها زمام المبادرة وتضيع من بين أيديهم أوراق وبدائل الحركة السياسية، وبالتالي تحدث الطامة الكبرى ويصل الأمر إلى أن «الأزمة» هي التي تدير القائمين عليها وليس العكس!

أما الأمر الرابع، فهو كيف يمكن لمجموعة منتقاة من كبار قادة الأفرع الأمنية في دولة مثل سوريا تعيش حالة حرب أهلية واستنفار أمني على أعلى درجة ويتم عمل اجتماع في مبنى يبعد 140 مترا عن السفارة الأميركية وعشرة أمتار عن السفارة الإيرانية؟

وكيف يمكن أن يجتمع كل هؤلاء في منطقة سكنية مدنية وفي مبنى صغير لا تتوافر له كافة الوسائل التقنية للتأمين ضد التفجير، وغير مزود بالكاميرات والمعدات للمراقبة والرصد؟ ثم لماذا لا يتم مثل هذا الاجتماع داخل ثكنة عسكرية محصنة أو مبنى تابع للحرس الجمهوري؟

إذا كانت هناك «خلية للأزمة» في سوريا، فهي مأزومة بالدرجة الأولى في طريقة تشكيلها وتفكيرها وأسلوب عملها ومكان اجتماعها وطريقة تأمين نشاطها.

كيف يمكن «للقوة الأساسية» الضامنة لأمن النظام السوري أن تقع في مثل هذا الفخ الأمني؟

نحن إما أمام حالة التقصير الفادح أو نحن أمام عملية مدبرة من داخل النظام يسعى فيها إلى التخلص ممن يخشاهم؟!