عبقرية العرب!

TT

العرب كلهم عباقرة.. يفهمون في كل شؤون الدنيا! هذه الأمة تفهم في كل شيء، ولا أحد فيها يقول لك «عفوا، هذا ليس من اختصاصي.. لذلك اعذرني لا أستطيع أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع»!

في كرة القدم نحن أفضل من يعرف قوانين الفيفا ونحن - أمام التلفزيون - نرى التسلل الذي لا يراه الحكم الموجود في الملعب، جميعنا خبير في اللعبة وتاريخها والمهارات الفنية الخاصة بها.

وفي الطهي كلنا طباخ ماهر يعرف بالضبط أصول ضبط الملوخية، و«تسبيك» البامية، وأنواع المطبخ الصيني، وأنواع «الصوص» الفرنسي المختلفة. أما في الطب، فنحن جميعنا خير من يصف العقاقير والأدوية والحقن والفيتامينات، والمقويات العادية والأخرى «إياها»، ونحن أيضا خير من يعرف في المستشفيات والمصحات وأماكن العلاج العالمية. ولولا الخطورة لقمنا أيضا بخلع الضروس وعمل الجراحات الدقيقة لأنفسنا وللآخرين!

وكل مواطن عربي يجلس أمام شاشة التلفاز يعتبر نفسه ناقدا فنيا مؤهلا على مستوى عالمي، فهو يعتقد أن لديه القدرة على تقييم نص الكتابة، وحركة الكاميرا، وأداء الممثلين ومستوى الملابس والديكور.

أما في ما يخص المعارك الحربية، فإن كلنا جنرالات حرب على أرفع مستوى، نعرف في التكنيك والاستراتيجية ونفهم في نوعية الصواريخ ومدى المدفعية ونوعية الطائرات.

أما في المال والاقتصاد، فحدث ولا حرج، الجميع خبراء في البورصة لديهم ذلك العشق المجنون بإدارة محافظهم المالية بأنفسهم حتى لو خسروا نصف أموالهم في يوم واحد!

أما في السفر، فالكثير منا يعتقد أن لاهاي عاصمة لوكسمبورغ، وأن كانكون مصيف في شمال الأرجنتين، وأن «أوسلو» مدينة أميركية!

جميعنا خبراء في السياحة والسفر، وأسعار بطاقات السفر، وأنواع شركات الطيران المدنية. وحينما نأتي إلى السياسة المحلية، فإن كل عربي يعرف أسرار الحكم ويتحدث عنها على المقاهي وخلف الجدران المغلقة بثقة كاملة ويعطيك الانطباع بأنه من أقرب الناس إلى رجال الحكم ومراكز صناعة القرار. جميعنا نعرف صحة الرئيس الحقيقية، وحساباته في الخارج، ونعرف اسم رئيس الوزراء المقبل بعد عشرة أعوام، ونعرف أيضا نص المحادثات الهاتفية بين أقطاب الحكم!

أما في السياسة الدولية، فإن الجميع يستطيع وهو جالس على مقهى عربي أن يعطيك أفضل التحليلات السياسية، بينما هو ينفث دخان الشيشة ذات نكهة البطيخ! نحن نعرف بماذا همست هيلاري كلينتون في أذن لافروف وهما على أعتاب الكرملين. ونحن نعرف ماذا قال القذافي قبل أن يقتل، وماذا قال الرئيس مبارك قبل أن يغادر شرم الشيخ، وماذا قال آصف شوكت وهو يتلقى انفجار القنبلة! نحن نعرف كل شيء وأي شيء، ولا نستحيي أن نقول: لا أعرف! لذلك كله نحن أقل الناس معرفة وأقل مجموعة دول في العالم تنفق على البحث العلمي!