أولمبياد لندن 2012: حافز جديد للأعمال البريطانية

TT

شاهدت لتوي حفل الافتتاح إيذانا بانطلاق أولمبياد لندن. كان حفل افتتاح البطولة السابقة في بكين مذهلا، لكن نسخة لندن كانت تحفة رائعة لا مجرد احتفال.

شاهد أربعة مليارات شخص حفل الافتتاح الذي كان احتفالا بالإنجازات التاريخية والاجتماعية والثقافية والصناعية. وكان العنصر الأكثر شمولية لاحتفال جامع استثنائي إضاءة المرجل الأولمبي الذي تكون من 204 بتلات، كل منها تمثل دولة أو منطقة مشاركة في المنافسات. كانت كل بتلة يحملها كل فريق إلى الاستاد والتي تم رفعها على عنق الزهرة لتشكل زهرة مشتعلة. كان شعار أولمبياد لندن «إلهام جيل» يمثل أصدق تعبير عنها، المرجل تم إشعاله من قبل سبعة رياضيين غير معروفين تم اختيارهم من قبل أبطال الاتحاد الأولمبي البريطاني.

كانت فكرة الحفل مليئة بالرمزية وتؤكد تضافر الجهود لاستخدام التاريخ في التخطيط للمستقبل. هناك الكثير من هذه الرمزية ينبغي لنا التفكير بشأنها في مجال الأعمال. نحن جميعا سعداء بوجودنا هنا في لندن. حصلت على إجازة من عملي بعد الظهر وللمرة الأولى خلال سنوات، جبت لندن كسائح لا كرجل أعمال. ويمكنني القول إن لندن تبدو متفردة إلى حد بعيد - وكل شيء فيها يبدو مثاليا. حتى إنني كنت محظوظا للغاية وتمكنت من حمل الشعلة الأولمبية بعد ظهر الخميس. الخبر الجيد الآخر هو أن بريطانيا ستحتفظ بتصنيفها الائتماني الممتاز. هذا التصنيف يعكس نظرة مستقرة ويذكرنا بأن العالم يثق بتعامل بريطانيا مع ديونها.

كانت ألعاب الأولمبياد حافزا لبريطانيا ومن خلال التأكيد على احتفاظها بتصنيفها السيادي الممتاز تكون مفتوحة أمام الأعمال وتشكل المكان الأمثل للاستثمارات الدولية على خلفية أولمبياد 2012.

وقد أوضحت في مقالي الذي نشر في 24 أبريل (نيسان) أن الأولمبياد لن يجلب أفضل رياضي العالم وآلاف مشجعي الرياضة إلى بلدنا، بل غالبية أقطاب الأعمال في العالم أيضا. وقد انطلق جزء من حملة «بريطانيا العظمى» يوم الجمعة بتدشين أولمبياد لندن 2012: سفارة الأعمال البريطانية. تقع السفارة في قصر لانكستر هاوس التاريخي إلى جوار قصر سان جيمس وغرين بارك في لندن. وقد تم تحويل المبنى إلى معرض للشركات البريطانية وسوف يستضيف عددا من أقوى الشخصيات في مجال التمويل خلال الأولمبياد. وأتوقع أن ألتقي بعض الأصدقاء من السعودية ودول الخليج الأخرى في الفعاليات المختلفة خلال الأسبوع المقبل.

وقال اللورد غرين، وزير التجارة والاستثمار: «لانكستر هاوس مكان فريد سيسلط الضوء على أفضل القدرات البريطانية أمام الشركات الدولية، ويظهر لهم أن بريطانيا ينبغي أن تكون محطتهم الأولى عندما يسعون إلى تعزيز أعمالهم. وسوف نساند القطاعات الرئيسة التي تتميز فيها الشركات البريطانية، والتي تشمل الطاقة والصناعات الإبداعية والتكنولوجيا وعلوم الحياة والبنية التحتية والرياضات العالمية والهندسة المتقدمة». وأود أن أورد تعليق مارتن أودن، المدير الإداري للتجارة والاستثمار البريطاني في السفارة بشأن سفارة الأعمال البريطانية الذي قال: «لم يقم أحد بهذا العمل من قبل. إنه أشبه بصفوة مؤتمر دافوس، لكن من دون سياسيين».

سفارة الأعمال البريطانية هي دون شك أضخم دفعة للأعمال التجارية البريطانية منذ الكساد الكبير عام 1851 في قصر الكريستال. وسوف تستضيف السفارة 17 قمة خلال دورة الألعاب الأولمبية ودورة أولمبياد المعاقين وهي لب خطة الحكومة لضمان أن يشكل الأولمبياد نجاحا اقتصاديا والفوز بمكاسب طويلة الأجل.

صحب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في حفل افتتاح البطولة رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، ومحافظ بنك إنجلترا السير مارفن كنغ، والبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي لمؤتمر الاستثمار العالمي، في أول حدث رئيسي تستضيفه سفارة الأعمال البريطانية.

ويقول جورج أوزبورن، وزير الخزانة إن: «بريطانيا كانت دائما دولة منفتحة على العالم. ومن خلال استضافة الألعاب الأولمبية نظهر هذا الانفتاح. خلال ترحيبنا بالرياضيين الأفضل في العالم، نرحب أيضا بأفضل الشركات العالمية، حتى يتمكنوا من النجاح والاستثمار وتوفير الوظائف في بريطانيا».

كما امتدح السير مارتن سوريل، الرئيس التنفيذي لشركة «دبليو بي بي» للتسويق والعلاقات العامة والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، النخبة السياسية في البلاد لحضورهم المؤتمر. وعندما سئل عما ينبغي لبريطانيا أن تقدمه وهي تمر عبر أسوأ ركود مزدوج منذ خمسين عاما، قال «بريطانيا اقتصاد ناضج، وتمتلك منشآت تعليمية من الدرجة الأولى، وصناعات تكنولوجية من الدرجة الأولى وصناعات إبداعية من الدرجة الأولى. والبنية التحتية قوية للغاية، وموقعنا الجغرافي والزمني رائع، فنحن بين الشرق والغرب. كل هذه الأشياء تضيف إلى فرصة الدرجة الأولى».

الخبر الجيد الآخر يتناول الاستثمارات الداخلية سواء الضخمة والصغيرة. بريطانيا مكان سهل للقيام بالأعمال والاستثمار. انتشرت الوظائف من قبل الاستثمارات الداخلية التي ارتفعت بالخمس.

يمكنك افتتاح شركة بريطانية وتحصل على مائة في المائة من الأسهم، فلا يوجد متطلبات لمنح نسبة مئوية من الأسهم لشريك محلي. المعرفة المحلية من الشراكات يمكن أن تكون ذات فائدة لكنها اختيارية.

وقد كشفت الحكومة هذا الأسبوع رسميا عن خطط بقيمة 8 مليارات جنيه إسترليني لإعادة تطوير محطة باترسي باور من قبل مالكي الموقع الجدد الماليزيين.

الإعلان الرئيسي الآخر الذي صرحت به الحكومة، شمل حزمة استثمارية بقيمة 9.4 مليار جنيه إسترليني في السكك الحديدية في إنجلترا وويلز. تشتري الحكومة ما يقرب من 2.000 عربة جديدة لمعالجة الازدحام وتشغيل بعض الخطوط بالكهرباء والمضي قدما في برنامج البنية التحتية.

أكدت شركة «جاجوار لاند روفر» أنها تقوم ببناء مصنع جديد للسيارات وتوفر 750 وظيفة في مصنعها الجديد القريب من ولفرهامبتون.

دعوني أُنهِ بمثال لمستثمر صغير في بريطانيا، فاني ليدوكس، سيدة فرنسية تبلغ من العمر 26 عاما، سعيدة بالفرص المتوافرة في هذه البلاد. وتقول: «تشعر في لندن بأنك قادر على القيام بأي شيء - سواء تعلم الصالصا، أو إنشاء شركة. فإني واحدة من الفرنسيين الذين عبروا القناة للعيش في المملكة المتحدة».

تدير فاني الذراع البريطانية لشركة «ناتورا»، شركة تسليم الأغذية العضوية التي تروج لمنتجات فرنسية بدءا من جبن الماعز إلى الفواكه والخضراوات الموسمية. وعلى الرغم من عدم امتلاكها خبرة في الأعمال، فإنها لم تواجه صعوبات في إنشاء شركة في المملكة المتحدة، تقول فاني، إن شركتها ستفتتح فرعا لتسويق الطعام البريطاني أيضا. لكن القيام بالشيء ذاته في فرنسا سيكون مستحيلا، أو على أقصى تقدير صداعا بيروقراطيا.

وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للمستثمرين العالميين في سفارة الأعمال البريطانية، إن بريطانيا منفتحة على الأعمال وإنه سيتحدث شخصيا إلى أي شخص لديه أفكار لتوفير وظائف والنمو في البلاد.

نعم، مرحبا بأولمبياد لندن 2012: سفارة الأعمال البريطانية. الباب مفتوح والفرص هنا والرسائل عامة من حفل افتتاح لندن مهمة في مجال الأعمال بقدر أهميتها في الرياضة.

* أستاذ زائر بكلية إدارة الأعمال بجامعة لندن متروبوليتان، ورئيس مجلس إدارة شركة «ألترا كابيتال»