الجهل أخطر من مائة فتنة!

TT

ما هي مشكلة العرب؟ لماذا نتأخر نحن ويتقدم غيرنا؟ لماذا نستورد التكنولوجيا ونصدر لا شيء باستثناء النفط والغاز؟

لماذا هناك «فرق توقيت» بيننا وبين العالم المتحضر المتقدم لا يقل عن مائة عام على الأقل؟ ظلت هذه الأسئلة تؤرقني ليل نهار منذ دراستي الجامعية وحتى لحظة كتابة هذه السطور.

هذه الأسئلة، في يقيني، هي الشغل الشاغل لكل من هو مهموم وعاشق لشؤون أمته يؤلمه تخلفها عن الحضارة، ويسعد قلبه أن يراها تتقدم ولو لخطوة واحدة نحو الأمام في أي مجال.

ظلت هذه الأسئلة معلقة في الهواء، ضاغطة على العقل والقلب والنفس حتى مساء أول من أمس، وبينما أنا أستمع إلى مقدمة مسلسل تلفزيوني، توقفت طويلا أمام كلمات أغنية المقدمة، وهي ذات كلمات شعبية كانت تقول: «الجهل أقوى من مائة فتنة»!

دق جرس الانتباه في عقلي، وظلت العبارة تتردد «الجهل أقوى من مائة فتنة»! نعم، بالفعل، «الجهل» هو بيت الداء، مركز الخطر، أساس البلاء في كل ما نعانيه. وحينما يعود المرء إلى أسس علوم الإدارة الحديثة سوف يكتشف خطورة الجهل بالأمر، فالإدارة تعتمد على ثلاثة أسس رئيسية هي: المعرفة، والرغبة، والقدرة.

عند التعامل مع أي ملف أو أي أزمة تأتي 3 أسئلة جوهرية: هل تعرف أو لا تعرف بالأزمة؟ هل ترغب في التعامل مع الحل؟ ثم يأتي السؤال الثالث والمنطقي والذي يجب أن يأتي في ذيل القائمة وهو: هل بعدما عرفت بالأزمة ورغبت في حلها، هل أنت قادر على التعامل والحل أم لا؟ إذن نقطة الارتكاز الأساسية في التعامل مع أي ملف أو أي أزمة هي «المعرفة». وحينما تكون المشكلة الأساسية هي «الجهل» بوجود الأزمة وبأسبابها ودوافعها وتفاصيلها وأسلوب التصدي لها، والمدى الزمني اللازم، والتكلفة النهائية لحلها، فنحن أمام كارثة محققة.

الجهل بهموم الناس مصيبة، والجهل بأفكار وحقائق الآخر من أبناء الوطن الواحد الذين قد يختلفون معك في المنطقة أو الطبقة أو الديانة أو المذهب أو الحزب السياسي كارثة، والجهل بظروف جيرانك ودول الجوار المحيطة بك نذير بحرب إقليمية، والجهل بالقرارات والقوانين الدولية هو أقصر طريق يؤدي إلى ضياع الحقوق الوطنية.

الجهل بشؤون المال والاقتصاد مقدمة منطقية للخراب، والجهل بأصول الدين والديانات الأخرى هو وصفة مؤكدة للحروب الطائفية. وفي يقيني أن أخطر حالات الجهل على الإطلاق هو أن أجهل أنني جاهل!

فعلا الجهل أكثر خطرا من مائة فتنة وفتنة.