أجران إن شاء الله

TT

أحاول بقدر الإمكان عدم التطرق لأي شأن داخلي في أي دولة عربية، غير أن ما لفت نظري في الليلة البارحة بعد صلاة العشاء في الحرم المكي، عندما كنت أشاهد التلفزيون على محطة تنقل على الهواء مباشرة (صلاة التراويح)، لاحظت أن ما لا يقل عن (80 في المائة) من صحن المسجد امتلأ بالمصلين، ولم يبقَ للمعتمرين الذين يطوفون حول الكعبة إلا (20 في المائة) على الأكثر.

مما يجعلني أتساءل: لماذا التضييق على المعتمرين الذين يأتي بعضهم من بلاد بعيدة، ولا يفسح لهم المجال للطواف براحة واطمئنان؟!

بمعنى لماذا بعد أن ينتهي الإمام من صلاة العشاء، لماذا لا ينتقل إلى الساحات الخارجية لأداء صلاة التراويح هناك، خصوصا أنها أيضا داخل الحرم، بل إن مكة كلها تعتبر حرما.

وما التراويح والقيام سوى سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وقد أداها رسول الله في منزله ولم يجعلها في جماعة، بل إنه تركها عندما لاحظ أن خلفه صلى بعض صحابته، فتركها ودخل وصلى في منزله.

وتروي عائشة وابن عباس عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله صلوا في رحالكم، في حالة البرد والمطر والوحل والزحام الشديد. وليس هناك زحام مثل الذي نراه في مثل هذه الأيام وفي هذا تخفيف ورحمة لأمة محمد.

إنني برؤيتي هذه أريد إفساح المجال أكثر للمعتمرين، ومن أراد أن (يتروح) فالساحات حول الحرم واسعة جدا والحمد لله، وتتسع لمئات الآلاف من المصلين.

وعلى الرغم من أنني لست من رجال الدين فإنني أرجو أن يشملني مبدأ المجتهد، الذي إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.

* * *

ليس التعصب مقتصرا على شعوب العالم الثالث، فإليكم مثلا (سويسرا) التي ترحب بالسياح وتحاول إسعادهم، فإن أهل المدن الصغيرة مثلا يعتبرون أهل المدن المجاورة لهم (أجانب ملاعين)، وتتردد قصة قرية (أرنين) التي تقع في وادي (كوش)، وتقول هذه الرواية: إن أهل تلك القرية في القرن التاسع عشر رفضوا السماح باستخدام مشنقة قريتهم لإعدام رجل من قرية أخرى قائلين:

هذه المشنقة لنا فقط نحن وأولادنا وأحفادنا من بعدنا.

* * *

طرأ خراب على سيارتي فذهبت بها إلى إحدى الورش، وبعد يومين رجعت لأستردها بعد إصلاحها، فأتاني أحدهم مصافحا يعرفني بنفسه قائلا: أنا المهندس (فلان)، فقلت له: تشرفنا، وفجأة وإذا بشخص آخر ليس له (لا في العير ولا الطحين) يخطف يدي مصافحا وهو يقول أنا المشحم (فلان)، عندها أحسست باللزوجة وإذا يدي كلها ملغوصة بشحم عجلات السيارات، وأسقط في يدي ووقفت مذهولا من تصرف ذلك الأرعن، غير أن المهندس جذبني بيدي وانتحى بي جانبا وهو يقول لي: لا تؤاخذه فعقله (ترللي)، وذهب بي إلى المغسلة الموضوع عليها علبة من صابون (التايد).

اعذروني على هذه الخاتمة المقززة، ولكن ماذا أفعل والحياة علمتني أن أيامي ليست كلها عسلا، وإنما بعضها شحم وطين وقطران كذلك.

[email protected]