مصر: الحكومة الخامسة

TT

تم الإعلان عن تشكيل خامس حكومة مصرية منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، برئاسة الدكتور هشام قنديل.

الحكومة هي ما يعرف باسم حكومة تكنوقراط من الخبرات المتخصصة في مجالاتها، لكنها مطعمة ببعض الوجوه الإخوانية أو المتعاطفة مع جماعة الإخوان. رئيس الحكومة، مهندس شاب، متخرج من الجامعات الأميركية، متخصص في شؤون المياه والري ويعرف عنه أنه رجل دمث، خلوق، ليس عضوا في أي حزب أو تيار سياسي، لكنه رجل متدين إسلامي التوجه بشكل عام.

وتم تفسير اختياره أنه «حل وسط» من قبل الرئيس محمد مرسي الذي تعهد منذ المعركة الرئاسية بأنه في حال فوزه لن يشكل حكومة يترأسها عضو في جماعة الإخوان.

تأتي هذه الحكومة، في ظل مرحلة شديدة الحساسية، كثيرة التحديات، مليئة بالمطالب. فبينما تحلف الحكومة اليمين القانونية أمام الرئيس في القصر الجمهوري، كان في الشارع المصري عشرات المشاكل العاجلة كلها بالدرجة الأولى في مجال الخدمات اليومية مثل الكهرباء والماء والنظافة والمرور والمواد التموينية. وتأتي هذه الحكومة وسقف التطلعات والأمنيات عال بشكل كبير، فالناس يريدون إزالة القمامة المتراكمة في الشوارع، ومرونة سير حركة المرور، وتوفر السلع الغذائية بسعر مقبول في شهر رمضان.

في الوقت ذاته ما زال البنك المركزي المصري يعاني من فقدان ثلثي الاحتياطي النقدي المتوفر له بالدولار والذي هبط من 36 مليار دولار أميركي قبل قيام الثورة حتى وصل عشية كتابة هذه السطور إلى 15 مليار دولار.

هل التكنوقراط وحدهم - بلا خلفية سياسية، أو تجارب إدارة حكومة سابقة - هم الحل المناسب لتحديات مطالب الشعب المصري الصبور؟

بعض أنصار التحليل التآمري في مصر - وما أكثرهم - يفسرون اختيار الرئيس المصري لحكومة من التكنوقراط على أنه «إدراك واضح من قبل جماعة الإخوان لخطورة الملف الداخلي المصري، وصعوبة أي قوة، كائنة من كانت، بمفردها في إيجاد حلول سريعة وناجزة لمشاكل الناس اليومية». ويضيف أصحاب هذه النظرية: «إن من يقترب وحده من هذا الملف سوف يحترق أو يفشل، لذلك تجنب الإخوان تولي الحكومة بشكل صريح». إذن نحن - في حقيقة الأمر - أمام حكومة تكنوقراط لكنها أيضا من القوى «الصديقة» أو غير المسيسة ضد جماعة الإخوان.

يحدث ذلك كله والإعلام المصري، شديد القسوة، شديد المراقبة لكل شاردة وواردة تصدر من القصر الرئاسي.

حكومة تحتاج إلى وقت للإنجاز، في ظل شارع لا وقت عنده، وفي ظل إعلام لا يرحم. حكومة خامسة جديدة لا يتوقع لها أن تعيش طويلا.