إيران أصبحت أهم لاعب في المنطقة

TT

منذ سنوات وإيران تناضل لامتلاك الطاقة النووية، لكن القاسم الأكبر من جيرانها يتشكك في نياتها، لأن امتلاك الطاقة النووية يعني أنها على مرمى حجر من القنبلة النووية. وكان الاعتقاد بأن نيات إيران الحقيقية هي الرغبة في أن تصبح قوة نووية. بيد أن الضمانات العديدة التي قدمها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وفتواه بتحريم «إنتاج أسلحة الدمار الشامل»، لم تجد قبولا لدى أحد، لأنه لا أحد يثق بطهران.

ربما تكون إيران قد ساهمت بشكل كبير في انعدام الثقة هذه، فمحاولاتها تصدير الثورة خلال حقبة الثمانينات، ومواجهة العرب السنّة، وبخاصة السعودية ودول الخليج، ناهيك عن محاولتها تدمير إسرائيل، خلقت شكوكا مماثلة وقلقا في المنطقة.

تقف إيران في الوقت الراهن أيضا على الخطوط الأمامية في الصراع السوري، حيث تقاتل ضد الجبهة الغربية، داعمة بشار الأسد، لأن إيران لا تثق في الغرب. ومن ثم عندما ننظر إلى إيران من وجهة نظر الغرب، تبدو إيران كـ«شيطان».

لا أحد يبدي رغبة في فهم الاحتياجات الأمنية لهذه الدولة، فمنذ عام 1979 تواجه طهران معضلة أمنية خطيرة، فيعتقد الإيرانيون أن الولايات المتحدة وحلفاءها يخططون لاحتلال بلادهم في أي وقت. وهناك الكثير من الحوادث التي أثبتت صدق الإيرانيين في هذا الصدد.

إذا كانت إيران ترغب حقا في أن تكون قوة نووية، فالسبب الأبرز في ذلك هو معاداة الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية ومصر ودول الخليج، وتشكيل حلف مع جيرانها الشيعة.

وترغب إيران في الحصول على ضمانات بعدم خرق أمنها، وبخاصة من قبل الولايات المتحدة، وأن تحترمها كدولة.

إيران متشككة في العلاقات الدولية، فهي لا تثق في أحد.. فروسيا والصين ضمن لائحة الدول التي «لا يوثق بها»، ككثير من دول الغرب. وهي ترغب في أن تعامل باحترام وعلى قدم المساواة مع الدول الأخرى.

حتى الآن، استخدمت الجبهة الغربية خيار العقوبات الصارمة، بصورة دفعت إيران للتحول إلى «قوة نووية»، عوضا عن دبلوماسية الحوار في المحادثات النووية (وبخاصة في وجه الاستفزازات الغربية).

وإذا ما فوجئنا بوجود «إيران نووية» أمامنا، فسيكون الطرف الحقيقي المسؤول عن هذا التحالف الإسرائيلي - الأميركي - العربي، لا طهران، ومن ثم فلن تضحي إيران بسوريا لصالح تركيا.

لم تشب العلاقات التركية - الإيرانية شائبة على الإطلاق.. فقد حاول كلا الجانبين إنجاح هذه العلاقة قدر الإمكان. وهذا التقارب تعرض خلال حقبة حزب العدالة والتنمية للخطر بسبب الخلاف في الرأي حول سوريا. والسبب الرئيسي لهذا هو أن إيران لا ترغب في رحيل الأسد.

يمثل الأسد، إلى جانب لبنان، منفذا لإيران على البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب ضم العراق إلى الصورة، ولذلك شكلت سوريا الحلقة الأثمن في السلسلة الشيعية التي تعتز بها طهران، لأنها تعتقد أنها من خلال ذلك يمكنها مقاومة تحالف الولايات المتحدة وإسرائيل والعرب السنّة.

عندما ينظر إلى العلاقات مع تركيا من هذه الزاوية، تبرز المشكلة بصورة تلقائية، حيث ترى طهران حزب العدالة والتنمية عضوا في التحالف السني، ولن تضحي بالأسد للحفاظ على هذه العلاقات الثنائية.

مرة أخرى، دعونا لا ننسى أن كل شيء لا يزال متوقفا على موقف المعارضة السورية، فإذا لم يتمكن الأسد من الصمود، فليس هناك ما يمكن لإيران القيام به.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية