هل تصبح سيناء جزءا من قطاع غزة؟!

TT

بعد انطلاق آذان المغرب يوم الأحد الماضي، عندما بدأ حراس الحدود المصرية عند معبر أبو سالم بين مصر وإسرائيل تناول طعام الإفطار، هاجمتهم مجموعة من المسلحين جاءت من قطاع غزة. وبعد أن قتل المهاجمون 16 ضابطا وجنديا مصريا بدم بارد، استولوا على مدرعتين للجيش المصري وحاولوا اقتحام الحدود الإسرائيلية. وعندما واجهتهم القوات الإسرائيلية وقتلت أربعة منهم، حاول الباقون الهرب إلى قطاع غزة عن طريق الأنفاق، ولكنهم لم يتمكنوا وتم قتلهم في الجانب المصري.

وهكذا، أصبحت الأوضاع تتطور بسرعة في سيناء التي باتت مهددة بالسقوط في يد عصابات حماس، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من جماعة الإخوان في مصر. فبعيدا عن أعين الإعلام المصري وخلف أبواب مغلقة، يبدو أنه تم التفاهم بين جماعة الإخوان المسلمين وقادة حماس في غزة، على أن تقوم مصر بفرض الدولة الفلسطينية على إسرائيل، دون الحاجة إلى الدخول في مفاوضات معها. ولما كان القطاع هو الجزء المحرر من الأراضي الفلسطينية، حيث لا يخضع للاحتلال منذ أن سحب آرييل شارون قواته في 12 سبتمبر (أيلول) 2005، فلن تتمكن إسرائيل من الاعتراض على هذا الإجراء.

ورغم أن الرئيس المصري لم يضع هذه الخطة في برنامجه الانتخابي أثناء ترشحه للرئاسة، فإن الجماعة كانت قد اتخذت هذا القرار منذ البداية. ففي 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعلن محمد بديع - المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين - أن جماعته صارت قريبة من تحقيق غايتها العظمى في إقامة الخلافة الإسلامية، معتبرا هذا المطلب تحقيقا لأهداف الثورة. وكان بديع التقى إسماعيل هنية رئيس وزراء قطاع غزة، الذي أعلن أن حماس صارت تابعة للإخوان المسلمين في مصر.

ولم تمض سوى بضعة أيام على وصول محمد مرسي إلى قصر الرئاسة، حتى وصل خالد مشعل - رئيس المكتب السياسي لحماس - على رأس وفد كبير، للتفاهم على الخطوات التنفيذية لتحقيق وعد «الإخوان» السابق. وصرح مشعل في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد ذلك بأن القيادة المصرية تتفهم أن المقاومة خيار مفتوح أمام أبناء الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه. ورغم أن الطرفين لم يعلنا صراحة عن الخطة التي يجري تنفيذها، فقد بدأت الأخبار تتوالى لتكشف عن الخطوات التي تقرر اتخاذها تمهيدا لإعلان قرار الوحدة بين مصر وغزة. فبعد لقاء مرسي، أعلن محمود الزهار - عضو المكتب السياسي لحماس - عن توقعاته بأن تقوم السلطات المصرية بفتح معبر رفح الحدودي في المستقبل القريب، وتحدث عن اتفاق لربط كهرباء غزة بمصر ومد أنبوب للغاز المصري إليها. كما طالبت حماس مصر بإلغاء قائمة رجالها الممنوعين من زيارة مصر لأسباب أمنية، الذين بلغ عددهم 30 ألفا، وأعلنت مصادر أمنية في مطار القاهرة أنها تلقت تعليمات من الأمن الوطني بالسماح للفلسطينيين بدخول مصر، دون اشتراط حصولهم على تأشيرات. وصرح موسى أبو مرزوق، نائب مشعل، بأن القضية الفلسطينية تعتبر «جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري»، وقال إن وفد حماس «وجد تجاوبا إيجابيا من رئيس الجمهورية محمد مرسي حول الملفات الفلسطينية»، بما في ذلك المشكلات التي يعانيها قطاع غزة من مشاكل العبور في سيناء وأزمة الكهرباء. وطالبت حماس بربط اقتصاد غزة بالاقتصاد المصري، وإقامة منطقة للتجارة الحرة على الحدود.

استبشر إسماعيل هنية خيرا بالنجاح الذي حققته زيارة مشعل للقاهرة، وقال في خطبة الجمعة: «صاحب القصر السابق الرئيس المصري المخلوع مبارك، كان متورطا في حصار غزة.. ولكن بالأمس الرئيس محمد مرسي يستقبل قادة حماس.. اللقاء الذي جمع بين الرئيس المصري ورئيس المكتب السياسي.. سيفتح صفحات الخلافة.. وتستكمل بقية الملفات، وأهمها تحرير فلسطين كلها.. وستفتح صفحات الخلافة الراشدة».

واستعجالا لتنفيذ الخطة المتفق عليها بين «الإخوان» وحماس، قرر إسماعيل هنية زيارة مصر بعد أسبوع واحد من زيارة مشعل، حتى يتم الاتفاق بينه وبين مرشد «الإخوان» ومحمد مرسي على الخطوات التي يجب اتخاذها لتنفيذ الوحدة مع مصر. وفور دخوله الأراضي المصرية من ممر رفح، علق هنية على ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن سيناء المصرية أصبحت تحت سيطرة حماس، مؤكدا أن سيناء أرض مصرية، لكنه قال في إشارة خفية إلى الوحدة المتوقعة بين البلدين إن: حماس والفلسطينيين جزء من حماية أرض سيناء.

فمنذ انهيار نظام حسني مبارك، فقدت سلطات الأمن المصرية سيطرتها على الوضع في شمال شبه جزيرة سيناء، التي أصبحت معقلا للجماعات الإرهابية الفلسطينية والإسلامية، وتسيطر على ما يجري هناك. ورغم تفجير أنابيب الغاز التي تربط مصر بكل من الأردن وإسرائيل 15 مرة، لم تتمكن السلطات المصرية حتى من القبض على أي من المنفذين حتى الآن. وبينما تؤكد إسرائيل سقوط صواريخ على أرضها قادمة من سيناء، لا تجد السلطات المصرية أمامها سوى نفي هذه الأخبار، دون أن تدري هي ما يحدث على الأرض المصرية.

وبينما اختار شعب مصر محمد مرسي رئيسا للبلاد، أملا في تحقيق الاستقرار السياسي وإنقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار، فإن «الإخوان» لديهم برنامج آخر لتحويل شمال سيناء إلى أرض فلسطينية حتى تدفع مصر فاتورة الصراع بين حماس وإسرائيل، وتدخل البلاد في معركة لم توافق عليها ولم تكن من خياراتها.