ظاهرة الشقيقة العدو!

TT

يجب أن لا يدفع أي شعب عربي فاتورة أوضاع أو ظروف أي شعب آخر. يجب أن لا يعاني الإنسان اللبناني تمدد النفوذ الاستخباري السوري منذ أكثر من 40 عاما! يجب أن لا تدفع الكويت أرضها وشعبها ومقدراتها ثمنا لجنون حاكم في الجارة العراق! يجب أن لا تتعرض الحدود السعودية دائما لمخاطر تهريب السلاح والمفرقعات عبر حدودها الممتدة مع الجارة اليمن.

يجب أن لا تعاني مصر كارثة أطنان السلاح المستباح عقب نهب مخازن السلاح الليبي بعد الحرب الأهلية وسقوط القذافي. يجب أن لا يدفع الأردن ثمن النزوح الجماعي كلما حدثت حروب في العراق أو لبنان أو سوريا. قد يقول لي قائل: ولكن هذا هو قدر الجيران ذوي الحدود المتاخمة الذين يعانون مما فرضته تضاريس الجغرافيا عليهم.

الإجابة المنطقية: «نعم»، ولكن بحدود، وما تم التوصل إليه من نتائج ودروس حاكمة عقب الحرب العالمية الثانية هي أن الجيرة أو التلاصق الجغرافي ليس مبررا لتصدير الأزمات والحروب والدمار وانتهاك الحدود والسيادة للغير.

اليوم المكسيك جارة ملاصقة للولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك تم وضع قيود وحدود وإجراءات رادعة حتى لا يدفع الشعب الأميركي ثمن هذه الجيرة من دخول غير شرعي وتهريب للبضائع والأسلحة والمخدرات. سويسرا وفرنسا لديهما حدود برية مشتركة والانتقال بينهما دون تأشيرة دخول، ولكن وضع نظام أمني دقيق وصارم لمنع انتقال المجرمين أو البضائع المهربة أو الهجرة غير الشرعية من جنسيات لا تنتمي إلى البلدين.

قدر التاريخ والجغرافيا أمر له تقديره وله منطقه المفهوم في المعاملات السياسية والإنسانية، ولكن ليس مقبولا أن تدفع دولة ذات سيادة ثمنا فادحا لأخطاء وخطايا نظام سياسي آخر.

أكتب ذلك بعدما يفتح الإعلام المصري ملف ذلك العبث والجنون الذي نتج عن دخول قوة إرهابية مسلحة عبر الحدود الفلسطينية من غزة إلى الحدود المصرية وارتكاب جريمة ومجزرة ضد جنود وضباط كانوا يتبادلون طعام إفطارهم في هذا الشهر الفضيل. وقيل إن بعضهم (أي الشهداء) لقي ربه وفي يده ملعقة الطعام أو كوب الماء.

إن العين لتدمع وهي تشاهد بالأمس آلاف المصريين وهم يشيعون في لوعة وحسرة وإيمان بقضاء الله وقدره جثامين شهداء الواجب في سيناء.

كان الهتاف: «القصاص.. القصاص»، والسؤال القصاص ممن؟

قد يأتي الرد: «من القتلة يا سيدي»!

هنا نرد: «للأسف، القتلة جيران وأشقاء»!