أوباما ورومني يتجاهلان الحرب في أفغانستان

TT

ها هي أنباء جديدة عن رغبة كل من باراك أوباما وميت رومني في أن نتجاهل عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين الذين يخوضون الحرب خلال الصيف الحالي في أفغانستان. وعلى الرغم من أنك لن تعرف أبدا من خلال الاستماع إلى المرشحين، أن وحدات الجيش الأميركي والقوات الخاصة الأميركية تحارب حركة طالبان أفغانستان في جنوب وشرق البلاد، ويقع بين صفوفهم قتلى ومصابون. وبحسب موقع icasualties.org في يوليو (تموز)، قتل 46 من القوات الأميركية وقوات التحالف الدولية، وهو أكبر عدد منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. وقُتل ستة خلال الأيام الأولى من شهر أغسطس (آب).

وتتلقى القوات الأميركية ضربات في الكمائن وبالقنابل المزروعة على جانب الطريق، بينما يحاولون جاهدين تأمين الطريق الرئيسي الذي يصل كابل ومدينة قندهار في الجنوب عبر إقليم غزني. وعلى الجانب الآخر يتصدى آخرون لمحاولة طالبان استعادة السيطرة على قندهار والمناطق المحيطة بها. على عكس خطاب حملة أوباما الانتخابية، «مدّ الحرب» في أفغانستان ليس في طريقه إلى «الانحسار». وزاد عدد الهجمات التي ينفذها المتمردون على مدى ثلاثة أشهر تنتهي في 30 يونيو (حزيران) عن هجمات العام الماضي بنسبة 11 في المائة. عندما قُتل 39 فردا من أفراد قوات التحالف في يونيو (حزيران)، كان متوسط الهجمات يوميا 110. وعلى الرغم من تراجع عدد الضحايا من القوات والمدنيين مقارنة بعام 2011، يوضح موسم القتال الصيفي أن طالبان لم تهزم بعد وربما تستعيد بعض الزخم. مع ذلك ربما تكون هذه أول حملة انتخابية في تاريخ الولايات المتحدة لا تمثل فيها حرب لم تنته بعد قضية كبيرة للمناظرة.

نجح المرشحان، سواء صراحة أو ضمنا، في تشجيع الكثير من وسائل الإعلام على تقبل الرأي السائد القائل بأن الحرب تفشل، لكن حدتها تخف، وأن القوات الأميركية المقاتلة ستنسحب بنهاية عام 2014 وأن أوباما ورومني متفقان على هذه الاستراتيجية.

مع ذلك ما زال الأميركيون يموتون مما يعني أن الاستراتيجية التي من المفترض أن يكون المرشحان الرئيسيان قد اتفقا عليها غير جيدة. ويتعين على الرئيس الأميركي اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة بشأن مستقبل أفغانستان، أكثرها خلال 12 شهرا من الانتخابات.

ولم يُعرف حتى هذه اللحظة على الأقل ما إذا كان أوباما ورومني مختلفين حول هذه القرارات، حيث لم يشر أي منهما كثيرا إلى ما سيفعله. ربما يكون أول اختيار في غضون أسابيع بعد السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث سيكون على أوباما، سواء فاز بفترة رئاسية أخرى أم لم يفز، التفكير في توصيات قادته فيما يتعلق بخطى الانسحاب المقبل للقوات الأميركية. وسيغادر الثلاثون ألف فرد من القوات الأميركية، التي عزز بها أوباما القوات المتواجدة في أفغانستان بحلول شهر سبتمبر (أيلول)، مما سيجعل عدد أفراد القوات الباقية 68 ألفا. السؤال هو هل سينبغي ترك تلك القوات حتى موسم القتال الصيف المقبل كما يرى الجنرالات، أم سيتم إصدار أمر بالانسحاب قبل ذلك.

ويشير تاريخ أوباما إلى أنه سيصدر أمرا بسحب المزيد من أفراد القوات قبل أن يحلّ الخريف المقبل، فقد رفض الخيار الذي كان يفضله القادة العسكريون وهو نشر القوات الأفغانية مرتين من قبل.

من جانبه يرى رومني أن أوباما قد أخطأ بعدم الإصغاء إلى الجنرالات، لكن هل هذا يعني أنه سيتخلى عن سحب أي جزء من القوات العام المقبل؟ لم يأت على ذكر ذلك. وأهم قرار على الرئيس المقبل اتخاذه سيكون خلال عام 2013 وهو خاص بتحديد عدد وكفاءة القوات الأميركية التي ستغادر أفغانستان بعد عام 2014. لقد تم الاتفاق من حيث المبدأ على أن تساعد القوات الأميركية والقوات الخاصة التابعة لحلف شمال الأطلسي والمدربين و«الممكنين» الجيش الأفغاني في تأمين البلاد، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق مفصل في هذا الشأن مع الحكومة الأفغانية. من المرجح أن تفكر وزارة الدفاع الأميركية في قوة من عشرات الآلاف تضم قوات خاصة قوية. مع ذلك ألغى البيت الأبيض تحت إدارة أوباما خطة خاصة بقوة مماثلة في العراق، كانت قد قلّصت حجمها بشكل كبير في البداية، لكنها لم تستطع إقناع الحكومة العراقية بها. هل سيفعل أوباما مثل هذا بشأن القوات الأفغانية بعد الانسحاب؟ هل سيتخذ رومني قرارا مختلفا؟ هذا ما لا يعلمه الناخبون.

سيكون هناك المزيد من القرارات الحاسمة المهمة، منها هل سيتم التكفل بتمويل قوات الأمن الأفغانية بالكامل حتى بعد عام 2014، وإلى متى؟ هل سيتم دعم التسوية التي يتم التفاوض عليها مع حركة طالبان وإذا كان الحال كذلك، هل سيتم عرض تنازلات لقادة طالبان من أجل إنعاش المحادثات. هل سيتم دعم مرشح رئاسي في أفغانستان خلال الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2014 سواء كان ذلك بشكل علني أو سري؟ ربما الأهم من ذلك هو أن على الرئيس الاختيار بين ضرب معاقل طالبان في باكستان أو السماح لهم بالبقاء حتى انسحاب أكثر القوات الغربية. وربما يحدد هذا الاختيار ما إذا كان النظام الديمقراطي الذي عملت الولايات المتحدة الأميركية جاهدة لإرسائه في كابل سوف سيصمد أم لا. ما من شك في أن أوباما ورومني وجدا أن مناقشة هذه الأمور منذ الآن وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) لن تكون مريحة ولا مفيدة من الناحية السياسية. لهذا السبب يريدون منك أن تنسى أن أميركا تخوض حربا.

* خدمة «واشنطن بوست»