ربيع المعارضة الكردية

TT

تعالت أصوات المعارضة الكردية في كردستان العراق للمطالبة بإصلاحات على كل المستويات بما في ذلك إطلاق سراح المعتقلين في سجون الإقليم والذين يتجاوز عددهم خمسة آلاف وأغلبهم سجناء رأي وليسوا سجناء جرائم جنائية. ربما هذه النبرة نسمعها لأول مرة بشكل علني على الرغم من أن المعارضة الكردية البرلمانية ممثلة في (الاتحاد الإسلامي الكردستاني، حركة التغيير، الجماعة الإسلامية) قاطعت أكثر من مرة عمل البرلمان الكردستاني ولجانه، وعبرت بشكل صريح عن رفضها لسياسية الحزبين الحاكمين في السلطة، وخصوصا حزب رئيس الإقليم مسعود بارزاني ووقفت بالضد من سياسة مسعود بارزاني الساعية لجر الإقليم لمواجهات مستمرة، سواء مع الحكومة العراقية تارة، أو مع إيران وتركيا تارة أخرى، ناهيك بالاستئثار بكل الامتيازات السياسية والأمنية والاقتصادية في الإقليم.

لهذا نجد أن إقليم كردستان مقبل في الفترة المقبلة على تغييرات كبيرة نتيجة تحرك المعارضة الكردية بطريقة سلمية ضد تطلعات مسعود بارزاني الرامية لصناعة حكومة عائلية في ظل سيطرته على مجلس الوزراء ومجلس الأمن الذي أنشأه في الفترة الأخيرة ونصب ابنه رئيسا له. والسبب الرئيسي لتشكيل هذا المجلس الأمني يتمثل في الاستعداد لمواجهة الشارع الكردي الذي اقتربت انتفاضته الشعبية بعد أن تسرب اليأس من الإصلاحات، مع زيادة الإنفاق وتبذير المال العام من قبل أبناء مسعود بارزاني، وهي ذات العوامل التي أثارت الكثير من شعوب المنطقة للثورة على حكامها.

ومن وجهة نظر الكثير من المعارضين الأكراد فإن مسعود بارزاني لا يختلف كثيرا عن الحكام الذين أطاحت بهم شعوبهم، فهو يتربع على كرسي السلطة منذ 22 سنة وأمامه سنوات أخرى سيقضيها، ومن ثم يورث الحكم لابنه. لهذا فإن الشعب الكردي يشعر بأن مسعود بارزاني يريد إعادة إنتاج القضية الكردية وخلق عدو مهما كان لكي يتهرب من الإصلاحات التي وعد بها منذ شهور كثيرة ولم يحقق منها أي شيء، بل أضاف إليها إنجازات عائلية جديدة تزيد من إمساكه بكل مقاليد الحكم والثروة، وحتى في مسألة عقود النفط التي هي سبب الخلاف الرئيسي بين أربيل وبغداد، فإن الشعب الكردي غير مستعد لأن يدفع أبناؤه ثمن مصالح رئيس الإقليم لأن الجميع يعرف أن الشعب الكردي لم يستفد من عائدات نفط كردستان التي تباع بثمن بخس ولم تدخل في حسابات الموازنة التي أقرها برلمان الإقليم، على الرغم من أسئلة المعارضة الكردية التي ظلت مجرد أسئلة دون أن تجد جوابا لها. وبالمقابل فإن حصاد شعب كردستان هو مزيد من الأزمات مع الحكومة الاتحادية، ويجد الكثير من معارضي بارزاني أن الأخير يسعى إلى خلق حالة توتر دائمة مع المركز.

وفي المقابل نجد أن مسعود بارزاني يتعامل مع معارضيه وفق مبدأ المؤامرة، وهذا ما تمثل بكل وضوح في بيان الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه بارزاني، واصفا موقف حركة التغيير المعارضة من مشروع سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه موقف تآمري يراد منه شق الصف الكردي، وهو تعليل غير صحيح، لأنه يصادر حق الأحزاب الأخرى في كردستان التي رفضت أن تكون تابعة لبارزاني.

هناك مؤشرات قوية تؤكد أن رياح التغيير قد تهب على إقليم كردستان، وقد يحصل هذا التغيير في الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات التي يسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني لتأجيلها بشتى الطرق.

لهذا فإن ثمة هواجس تنتاب الشارع الكردي الذي يعيش على وقع خطابات بارزاني التصعيدية على عدة جبهات منها مع حكومة بغداد، وأخرى موجهة للمعارضة الكردية، وثالثة تتمثل في حمى عسكرة المجتمع الكردي تمهيدا لمرحلة مقبلة يخطط لها البعض على نار هادئة.

* كاتبة عراقية