الألعاب الأولمبية التي أهواها

TT

بينما الدورة الأولمبية في أيامها الأخيرة، خطرت على بالي (أولمبياد) أخرى تقاربها بالألعاب وتتفوق عليها بالحس الإنساني، على الرغم من أن الكثيرين لا يولونها الاهتمام الكافي، ولا تحظى بالكثير من الدعاية والطنطنة، إلا أنها تظل أثيرة عندي، وأتابعها كلما تسنى لي ذلك لأشعر فقط أن الدنيا ما زالت فيها بقايا من الخير.

كل هذه المقدمة هي مدخل للحديث عن (أولمبياد المعاقين)، وهي التي كان الفضل في إقامتها لعائلة جوزيف كيندي الأميركية عام 1968، بعد أن ولدت للأب ابنة معاقة عقليا.

وتضم تلك الدورة أكثر من 13 مسابقة رياضية منها الفردي والجماعي.

ويقول هيرب كرامر أحد المشرفين على هذه الألعاب: كثيرون بمن فيهم الخبراء يعتقدون أن المتخلفين عقليا لن يقدروا على العدو 400 متر، لأنهم سيصابون إما بنوبات عصبية أو سيسهون ويظلون يركضون ولا يتوقفون عند خط النهاية، وهذا خطأ لأنهم يملكون الكثير من قوة الإرادة والحافز، ولقد جئت لكي أساعد في إلهامهم، وإذا بي أستمد منهم الإلهام.

وإليكم بعض النتائج التي تحققت في إحدى الدورات:

* حقق السباح النيوزيلندي كولين بايلي أعظم لحظة في حياته بإحرازه ميدالية برونزية في السباحة 25 مترا على الظهر وكان قد قضى عشر سنين ليتعلم السباحة.

* أهدى العداء الأسترالي بول وليمس ميداليته الفضية إلى صديق شاب معاق في سيدني كان توفي مؤخرا، وبعد أن أهداها توفي هو بعده بشهرين.

* ربحت لاعبة الجمباز بولي لين أوبرغ من أميركا ميداليتين ذهبيتين تقديرا لحركاتها الممتازة. ويقول الأطباء إنها عند ولادتها كانت مصابة بمرض عضال مع انحراف في بنية الوركين، وكان يحتمل أن لا تمشي أبدا.

* أما أحد المشاهد التي لا تنسى فكانت في لعبة الجمباز التي أداها الشاب ريموند سنايدر، من سان فرانسيسكو، وهو معاق عقليا ومصاب منذ الولادة بشلل في الجزء الأسفل من جسده ولا يزيد وزنه على 29 كيلوغراما. فقد انزلق هذا الضئيل الجسم من كرسيه ذي العجلات وتمدد على ظهره وشرع ببطء وتؤدة في الدوران والتمايل والقفز في الهواء.. كثيرون بين الجمهور الذي بلغ 6 آلاف مشاهد بكوا تأثرا حين رأوا الشاب اليافع يتغلب على عقبات تكاد لا تقهر ليتفوق في هذا النوع من الرياضة، وفي النهاية ربح ميدالية برونزية، عندها عانقه مدربه ثم رفعه عاليا بين ذراعيه، فيما اهتز المبنى كله بهتاف الجمهور وتصفيقه.

وربح الكثير من المعاقين المشاركين العرب الكثير من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، وقد تزوج أحدهم وكان شابا مصريا معاقا في قدميه، وقد زفوه في ليلة عرسه والميدالية الذهبية معلقة في رقبته.

إن المتطوعين الذين يدعمون هذه الدورات وصل عددهم إلى الآن أكثر من 800 ألف متطوع في مختلف أنحاء العالم، من ضمنهم (أنا). وهذه الألعاب ليست مجرد ألعاب موسمية، ولكنها تدريب رياضي على مدار السنة يتحدى العقل والجسد كل يوم.

وفي ختام تلك الدورة، خاطبت المشرفة عليها جميع المشتركين وصدى صوتها يتردد في مدرجات (الاستاد) قائلة لهم: أي درس لقنتم العالم اليوم؟ لقنتموه أن الله منح كلا منا القدرة والتوق إلى التفوق والشجاعة والصداقة والمحبة، يا للبراعة التي أظهرتموها لنا.. يا للرياضة الرائعة! أتمنى لكم أن تحققوا الفوز في الحياة كما حققتموه في هذه الألعاب.

وهتف رياضيو الألعاب الأولمبية الخاصة وصفقوا جميعا، والنتيجة النهائية الرائعة أن 4300 رياضي كانوا كلهم فائزين.