«سي الأخضر» والدم الأحمر!

TT

اختيار الأخضر الإبراهيمي مبعوثا أمميا للتعامل مع الملف السوري، اختيار موفق للغاية، فهو الشخص المناسب الذي يأتي في الزمن المناسب للتعامل مع هذا الملف المعقد للغاية.

«سي الأخضر»، كما يعرف وسط أصدقائه، دبلوماسي عريق، وعروبي أصيل، وسياسي مخضرم له تاريخ عملي حافل. ولد الأخضر في 1 يناير (كانون الثاني) 1934 في بلدة عزيزة بجنوب الجزائر، وعشق السياسة والدبلوماسية منذ شبابه، وانخرط في العمل الوطني حتى تقلد العديد من المناصب في الأمم المتحدة، وعمل وزيرا لخارجية بلاده منذ عام 1991 – 1993، كما عين مبعوثا للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق.

«سي الأخضر» مناضل لا يمكن أن يشك أحد في تاريخه منذ أن كان ممثلا لجبهة التحرير الوطني في جنوب شرقي آسيا بالعاصمة الإندونيسية لمدة 7 سنوات من سنوات تحرير الجزائر. والرجل متخصص في فك طلاسم الأزمات من خلال صبر لا حدود له، وصمت الحكماء.

بالطبع لا يمكن وصف «سي الأخضر» بأنه «سوبرمان» الخارق الذي يملك عصا سحرية قادرة على تحقيق المعجزات. ولعل أهم المناصب التي تولاها «سي الأخضر» منصبه ممثلا خاصا للأمم المتحدة في جنوب أفريقيا؛ حيث ترأس بعثة المراقبين الدوليين إلى حين انتخاب نيلسون مانديلا رئيسا للبلاد. وللإبراهيمي خبرة عظيمة في الملف اللبناني؛ حيث عين مبعوثا من الجامعة العربية عام 1989 للتوصل إلى اتفاق نهائي بين الفرقاء المتحاربين، وهو اتفاق الطائف. إذن نحن أمام رجل لديه «خلطة سحرية» من التجارب الإنسانية والدبلوماسية في مواجهة أزمات ومعضلات؛ من الجزائر إلى هايتي، ومن بيروت إلى جنوب أفريقيا، ومن الجامعة العربية إلى الأمم المتحدة. تلك التركيبة النادرة بين الحياة في القاهرة والسودان ولبنان وجنوب أفريقيا ونيويورك وباريس وهايتي وجاكرتا وأفغانستان وبريطانيا جعلت الرجل مؤهلا وبقوة لأن يكون أحد أهم الخبراء العالميين في «إدارة الأزمات العالمية المعجزات».. ولكن أي وسيط دولي مهما أوتي من خبرة ونزاهة وشجاعة مثل «سي الأخضر»، لن يستطيع أن يحقق أي خطوة للنجاح إلا من خلال إرادة الفرقاء. وأخطر ما يواجه «سي الأخضر» هو أن أمامه 3 معضلات أساسية:

الأولى: عدم وجود اتفاق دولي على شكل التسوية المطلوبة؛ بل إن صراع الإرادات الدولية ينعكس بشكل سلبي على مسرح القتال في سوريا.

الثانية: لا يوجد مشروع واضح للبقاء السوري الرسمي في السلطة بسلام أو الخروج منها بأمان!

الثالثة: لا يوجد مشروع واضح للمعارضة السورية في التعامل مع الأزمة الآن أو عند تسوية رحيل النظام أو ما بعد رحيله.

عزيزي «سي الأخضر»، دعائي لك من الأعماق بالنجاح وأنت تدخل مواجهة مع ما هو أعقد من العراق وأفغانستان وهايتي.. وكل ما تصديت له في حياتك!