ترحيب أميركي حذر بالسيسي

TT

يبذل المسؤولون الأميركيون جهودا حثيثة لتقييم تداعيات القرارات التي اتخذها الرئيس المصري محمد مرسي يوم الأحد الماضي والتي أطاحت بقيادات عسكرية بارزة، ويبدو أن هؤلاء المسؤولين لديهم ثقة في وزير الدفاع الجديد الفريق عبد الفتاح السيسي الذي كان يتمتع بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته للاستخبارات العسكرية المصرية.

ويبدو أن التغييرات الواسعة التي قام بها الرئيس مرسي في القيادة العسكرية - إحالة وزير الدفاع وقادة الوحدات الذين عينهم الرئيس السابق حسني مبارك للتقاعد - كان مفاجئا للولايات المتحدة. ومع ذلك، لم يعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم مساء الأحد الماضي، وأشاروا إلى أن ما حدث ما هو إلا تغيير طبيعي عبر الأجيال أدى إلى الاستغناء عن شخصيات فقدت شعبيتها وأصبحت معزولة في مصر بعد الثورة.

واستبعد المسؤولون الأميركيون الإشاعات التي انتشرت مساء يوم الأحد الماضي والتي تقول إن السيسي شخصية إسلامية على علاقة سرية بجماعة الإخوان المسلمين، بل على العكس يرى المسؤولون أن السيسي شخصية معروفة جيدا لدى العسكريين الأميركيين بعدما قضى عاما في التدريب المهني في الولايات المتحدة، ويتم النظر إليه بوجه عام على أنه رئيس نشط للاستخبارات العسكرية المصرية. ولكن الشيء المؤكد هو أن جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي منذ فترة طويلة قد أحكمت قبضتها على مصر وباتت تسيطر على الجيش والرئاسة والبرلمان، وهو ما يمكن أن ينظر إليه كمثال على الديمقراطية مع سيطرة مدنية على الجيش، أو كانقلاب من جانب الإخوان المسلمين، حسب وجهة الناظر، أو ربما يجمع عناصر من وجهتي النظر معا.

وتكمن وجهة النظر الأميركية في أن استبدال القادة العسكريين الكبار الذين تقدم بهم العمر لا يثير القلق في حد ذاته، ولكن الشيء الذي سيثير المخاوف الأميركية هو إقدام مرسي على إجراء تغييرات في الهيئة القضائية التي ظلت مركزا مستقلا مهما للسلطة منذ ثورة يناير التي أطاحت بمبارك في فبراير (شباط) 2011. وما زاد من هذه المخاوف تجاه القضاء المصري هو قيام مرسي يوم الأحد الماضي بتعيين القاضي البارز محمود مكي نائبا للرئيس، إذ يخشى أن يقوم مكي، وهو قاضٍ سابق، برفض قرارات المحاكم.

وأصبح المشير محمد حسين طنطاوي، الذي أقيل من منصبه كوزير للدفاع، رمزا لعزل وعدم كفاءة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم البلاد حتى وصول مرسي للحكم. وكان من الواضح أن أيام المجلس قد باتت معدودة، ولكن خطوات مرسي جاءت مفاجئة وكأنها انقلاب. ولا يبدو أن لدى المسؤولين الأميركيين دليلا على أن عملية التطهير قد تم التخطيط لها أو مناقشتها على مستوى قيادة الإخوان المسلمين. وبدلا من ذلك، استغل مرسي الهجوم الإرهابي في سيناء الأسبوع الماضي والذي أدى إلى مقتل 16 جنديا مصريا، كذريعة لتعيين قيادات جديدة في الجيش. وكان أول تغيير رئيسي الخميس الماضي وهو إقالة رئيس جهاز الاستخبارات اللواء مراد موافي الذي كان قد تم الثناء عليه من مسؤولين أميركيين وأوروبيين وإسرائيليين، لأنه كان يضغط منذ عدة أشهر من أجل التصدي للمجموعات الإرهابية في سيناء.

وكان ينظر إلى السيسي على أنه مساعد لموافي، على الرغم من أنه أقل صلة بملف مكافحة الإرهاب. وقد اجتمع السيسي مع رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض جون برينان. وقال أحد المسؤولين العسكريين عن السيسي: «إنه رجل جاد أظهر مستوى جديا من التعاون». وكان السيسي، مثل موافي، على اتصال بالقيادات الإسرائيلية بصفته رئيسا للاستخبارات العسكرية. ويقال إن الإسرائيليين أكثر قلقا من عملية التطهير التي قام بها مرسي يوم الأحد، وما يقلقهم هو احتمال قيام مرسي باتخاذ خطوات أخرى يمكن أن تؤدي إلى صدام مع إسرائيل، ولكن بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، فإن مراقبة التطورات في مصر تشبه ركوب نمر، يمكن أن يكون خطرا للغاية، ولكن من المستحيل توجيهه.

* خدمة «واشنطن بوست»