الإيمان المتجدد

TT

كنت في يوم من الأيام على شفا حفرة من اليأس، إلى أن قرأت قصة رجل مع خطيبته فتجدد الأمل في نفسي، وأنا الذي كنت أظن أن العالم كله يناصبني العداء.

وإليكم ما قاله:

إن النكبات جميعا تقع في وقت واحد، فقد كانت أسرتي في حاجة إلى عون مالي، حينما تعرضت الصحيفة التي أعمل فيها لأزمة اقتصادية، فقدت بسببها وظيفتي.

وكنت أذرع الطرقات باحثا عن عمل آخر، عندما أصيب والد (ماري) - خطيبتي - بمرض شديد، اقتضى وجودها إلى جواره لأجل غير مسمى.

وقبل ذلك بأسابيع قليلة، كنا نعد العدة لعقد قراننا، في سعادة شاملة، والآن، اعترضت النكبة طريق سعادتنا.

وقبل الغروب، في جو أغبر ثقيل، ارتديت قميصا سميكا، وتوجهت إلى الصيدلية القائمة على ناصية الطريق، وتحدثت إلى خطيبتي (ماري) بالتليفون.

قلت: «فلنذهب لاستنشاق بعض الهواء الطلق، سيرا على الأقدام»، فأجابت: «فلنذهب إلى الشاطئ، لأن بي رغبة لمشاهدة المحيط».

وجلسنا نتحدث، على كتلة من الخشب لفظها البحر إلى الشاطئ، وكان الطريق المرتفع وراءنا والمطل على المحيط يبدو مقفرا، وهكذا كنا وحيدين في العالم مع متاعبنا وأمسكت (ماري) بيدي، ثم هتفت «كل شيء سينتهي على ما يرام، سوف نعمل، وننتظر»، وكانت بهذه العبارة تحاول أن تبدو لي في مظهر الشجاعة الصابرة.

وهتفت (ماري) فجأة، مشيرة بأصبعها إلى الأمواج، بقولها: انظر. ولكنني حين نظرت لم أر في بادئ الأمر سوى الأمواج المتدافعة إلى الشاطئ، ولكنني لم ألبث أن رأيت بينها شيئا في الماء.

واندفعنا نجري، وغمر الماء البارد أقدامنا، ثم بلغ سيقاننا حتى كاد يبلغ صدرينا، وأخيرا أدركناها، كانت سيدة ترتدي ملابسها كاملة، وأمسكت (ماري) بإحدى ذراعيها، وأمسكت أنا بذراعها الأخرى، ولكنها قاومتنا في عنف، وهي تصيح صيحات متلاحقة: «اتركاني وشأني.. اتركاني».

وبعد صراع شديد قاسينا فيه الأمرين من برودة الماء والظلام وابتلال ملابسنا، نجحنا في جذبها إلى الماء الضحل القريب من الشاطئ.

وانطلقت أبحث عن نجدة، وبعد عدة أميال وجدت كوخا اتصلت منه على البوليس الذين حضروا بعد نصف ساعة، وبعد تحقيق قصير أخذوا فيه اسمينا وعنواننا ثم انطلقوا بها للمستشفى.

وفي ساعة متأخرة من الليل اتصلنا بالمستشفى للاطمئنان عليها، وعلمنا أنها بخير، وفي ظهر اليوم التالي تلقينا منها رسالة خطية جاء فيها:

«ظننت أنني وحدي، وأن العالم مظلم من حولي، وشعرت بالخوف. إنني أعرف الآن أن وجود الله يضيء أكثف الأمكنة ظلمة ووحشة، وأنا أشكر الله ثم أشكركما، وهو الذي، عن طريقكما، وهب لي حياة جديدة، وعالما جديدا».

كان الإمضاء (جوديث سنو).

ويمضي الرجل قائلا:

بعدها لم نشعر أننا ضائعان، ولن نشعر بذلك أبدا، فقد منحنا الإيمان المتجدد مقدرة على إحالة العقبات إلى فرصة متاحة للنجاح.

[email protected]