من بطولات المرأة العربية

TT

رغم كل ما يقال عن قمع المرأة العربية والمسلمة، فإن الكثير من النساء العربيات لمعت أسماؤهن ببطولات نادرة وأدوار عجيبة في مشاركة الرجال وتحمل الأعباء ومغالبة الأخطار. تاريخنا حاشد بذلك ولكننا كثيرا ما نسمع عن صفحات بطولية جديدة سجلتها بعض نسائنا في جيلنا هذا. خذوا حكاية هذه المرأة العراقية التي فقدت زوجها في مقتبل عمرها. تحدت السيدة ملوك بنت السيد صالح النقيب طلب أهلها الانتقال لقضاء بقية حياتها مع أولادها وذويها. قالت لا، بل أبقى حيث أنا كما كنت مع زوجي. أذعنوا لها في الأخير فقالوا إذن فلنوصلك بمن تكون معك. قالت لا، ولكن هاتوني بندقية سترن تنام معي. وتغلب قول المرأة على قول الرجال فجاءوها بها. قالت وأين الرصاص؟ فسلموها ما فيه الكفاية.

سمع اللصوص بوحدتها. وكان زوجها السيد سامي عبد القادر المفتي قد ترك لها من نفائس السجاد والفضيات والمصوغات ما يسيل له لعاب أي حكومة فاسدة مثل الكثير من حكومات زماننا الفاسد هذا. تشاور اللصوص فيما بينهم وجمعوا كلمتهم ووحدوا صفوفهم على نحو لم نألفه قط من مسؤولينا وأحزابنا. عزموا على اقتحام بيتها ليلا. كانت غارقة في النوم، ولكن العراقيين لا يستطيعون أن يلجموا لسانهم من الكلام فسمعت همهماتهم ولغطهم. استفاقت وأفاقت بندقيتها الراقدة بجانبها غارقة في النوم. سحبت الزناد، وما إن وضع قائدهم قدمه في الغرفة حتى تلقى طلقة مزقت رجله. حمله أصحابه ولاذوا بالفرار. ولكنها وثبت من سريرها واقتفت آثارهم. ومن شرفة البيت راحت تواصل ضرب الرصاص، يردون عليها وترد عليهم.

ذاع أمر المعركة في بغداد ووصل خبرها إلى وزير الداخلية وطبان التكريتي، الأخ غير الشقيق لصدام حسين. خف لزيارتها ليعرب عن إعجابه بشجاعتها وفعلها. قال: «إذا كان عندنا في العراق بنات مثلك، ففي المرة القادمة سنهجم على إيران بجيش من النساء العراقيات». سألها ومن علمك على الرمي؟ قالت تعلمته من ابنة عمي العلوية زهراء بنت السيد علي النقيب.

اعتادت السيدة زهراء أن تخرج للصيد مع رجال مندلي. تجري وراء الغزلان معهم. تمسك باليسرى لجام فرسها وتسابق سيارتهم الجيب، ماسكة البندقية بيمناها وتطلق العتاد على الصيد. وقلما أخطأت. تعلمت منها يا حضرة الوزير استعمال السلاح.

ظلت البندقية رفيقة للسيدة ملوك. وعندما أصدر البعثيون حكم الإعدام غيابا على ابنها المهندس غازي المفتي، ونشروا صورته في الصحف العراقية مع جائزة عالية لكل من يسلمه للشرطة حيا أو ميتا، اختفى في أحد بيوت بغداد الجديدة. اكتشفت وكره فتسللت ليلا إليه تحمل بعض الطعام وتخبئ بندقيتها ذاتها تحت عباءتها. سلمتها له. وقالت هذي السترن معها خمسون طلقة. حارب بها الشرطة إذا حاصروك. ولكن احتفظ برصاصة واحدة لنفسك. عندما تشعر أنك خسرت المعركة، أطلقها على رأسك. لا أريد أن أسمع أن شرطة البعث أذلت واحدا من أولادي.

تغمدها الله برحمته الواسعة.