تحديات قمة مكة!

TT

دعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد قمة إسلامية في مكة هي دعوة مخلصة من أجل جمع 57 دولة إسلامية نحو كلمة سواء، أو على الأقل الوصول بالتنسيق الإسلامي نحو قضايا دولية إلى حد مقبول يتناسب مع حجم التحديات. وملف الأحداث في هذه القمة فرضته الأحداث، من الوضع في سوريا إلى جمود المفاوضات في فلسطين وإلى التوترات العرقية والعنصرية المخيفة من مالي إلى ميانمار.

هذه الملفات هي التي تحتل الصدارة في نشرات الأخبار ليل نهار، وهي التي تؤرق ضميرنا ونحن نشاهد عمليات التصفية على الهوية، وعمليات الاضطهاد الديني والمذهبي والعنصري. وكان موقف العاهل السعودي دائما عدم الاكتفاء بحالة الشكوى وإعلان حالات الاستنكار والشجب، ولكن الحرص دائما على القيام بدور فاعل وفعال يحول الكلمات إلى قرارات وإلى إجراءات دعم مادية ومساندة.

اللافت في هذا الاجتماع هو حجم حضور زعماء الدول، والتلبية شبه الجماعية لهذا المؤتمر، بينما تواجه طهران موقفا شديد الحرج في ضمان نسبة مقبولة من الحضور في قمة عدم الانحياز إلى الحد الذي وجهت معه نداء إلى الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي بضرورة الاستجابة والحضور الشخصي.

السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أي حد يمكن للعمل الجماعي أن يؤدي إلى «تطور إيجابي» في التصدي للمشكلات العالمية؟ تأتي الإجابة أن المعوّل الأساسي لنجاح أو فشل هذه المؤتمرات هو طبيعة الدولة الداعية والمنظمة للمؤتمر، فهي التي تتحمل بالدرجة الأولى عناصر النجاح أو الإخفاق قبل وأثناء وبعد هذه التجمعات العالمية.

المؤتمرات الدولية ليست تكاليف ومقرات إقامة وقاعة مؤتمرات ومآدب غداء ونظام أمن وبروتوكول فحسب، لكنها بالدرجة الأولى تعتمد على عملية تخطيط مسبق لنوعية المؤتمر وأهدافه والمتابعة المسبقة بفترة للتأكد من مستوى التمثيل الرسمي للضيوف والعمل معهم بصبر ودقة لتحديد «أجندة» مقبولة وقابلة للتنفيذ لكل أطياف الحضور الكبير من رؤساء وفود.

ونجاح مثل هذه المؤتمرات ليس في دقة التنظيم وإجراءات التشريفات، ولكن في لجنة الصياغة المتمرسة بالدرجة الأولى في الخروج بنص بيان ختامي يحمل توصيات عملية وواقعية وليس مجرد عبارات بلاغية ومحسنات بديعية لا تسمن ولا تغني من جوع.

بكل هذه المقاييس نجحت إدارة مؤتمر مكة والدولة الراعية له في الخروج بمجموعة من الإجراءات والتوصيات لقضايا تفرض نفسها بقوة على الساحتين العربية والإسلامية. أما ما تم في اللقاءات الثنائية بين زعماء الدول الإسلامية في الغرف المغلقة فإنه هو الفائدة الأهم من عملية التواصل الشخصي بينهم.